للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ما يسمونه بعلم أسرار الحروف، علمًا بأن الذي وضعه هو هارون بن سعيد العجلي (ت. ١٤٥هـ) وهو رأس الزيدية، وزعم أنه يرويه عن جعفر الصادق، وفيه علم ما سيقع لأهل البيت على العموم، ولبعض الأشخاص منهم على الخصوص، وأنه وقع ذلك لجعفر الصادق ونظائره عن طريق الكشف والكرامة (١).

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية (٢): «ونحن نعلم من أحوال أمتنا، أنه قد أُضيف إلى جعفر الصادق، وليس هو بنبي من الأنبياء، من جنس هذه الأمور ما يعلم كل عالم بحال جعفر - رضي الله عنه - أن ذلك كذب عليه، فإن الكذب عليه من أعظم الكذب، حتى ينسب إليه أحكام الحركات السفلية ... والعلماء يعلمون أنه برئ من ذلك كله»، ويقول رحمه الله (٣): «وأما الكذب والأسرار التي يدعونها عن جعفر الصادق، فمن أكبر الأشياء كذبًا حتى يقال: ما كذب على أحد ما كذب على جعفر - رضي الله عنه -»، فالإمام جعفر بريء من هؤلاء وأمثالهم براءة الذئب من دم يوسف - عليه السلام -.

ويعرف الرافضة أنفسهم كذلك بالموسوية، لانتسابهم إلى الإمام الكاظم موسى بن جعفر، وذلك لتمييز أنفسهم عمن انتسب إلى غيره كالإسماعيلية المنتسبين إلى أخيه إسماعيل بن جعفر.


(١) انظر: مقدمة ابن خلدون، ص (٤١٥) .. قال: «وهذا الكتاب لم تتصل روايته ولا عرف عينه وإنما يظهر منه شواذ من الكلمات لا يصحبها دليل ولو صح السند إلى جعفر الصادق لكان فيه نعم المستند من نفسه أو من رجال قومه فهم أهل الكرامات» اهـ[نفسه، ص (٤١٦)].
(٢) ابن تيمية: الفتاوى الكبرى (١/ ٣٩٧) باختصار. وقد أورد بعضهم عن جعفر الصادق أنه سُئل: «فما تقول في علم النجوم؟ قال: هو علم قلَّت منافعه، وكثرت مضراته، لأنه لا يُدفع به المقدور، ولا يتقي به المحذور، وإن أخبر المنجم بالبلاء، لم ينجه التحرز من القضاء، وإن أخبر هو بخير لم يستطع تعجيله، وإن حدث به سوء لم يمكنه صرفه، والمنجم يضاد الله في علمه بزعمه أنه يرد قضاء الله عن خلقه» اهـ[انظر، المجلسي: مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول (٢٦/ ٤٧٠)].
(٣) ابن تيمية: مجموع الفتاوى (٤/ ٧٨).

<<  <   >  >>