للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

دون أن يحرك له مسئول ساكنًا، إلا من رحم الله! الأمر الذي أثار حفيظة الصحافي البارز پيتر بومونت وجعله يصدِّر مقالته الجريئة في صحيفة (الجارديان) بعنوان: (سجلات حرب العراق: الجرائم لم تكن سرية ولكن مسكوت عنها)، وكان مما قاله فيها (١): «إن أكثر ما يشعرك بالصدمة فيما يتعلق بالمعلومات التي تم الكشف عنها في الدفعة الحالية من السجلات المتسربة الخاصة بحرب العراق هو أن معظم ممارسات التعذيب والقتل ارتكبت في العلن، ولم تكن سرًا، ولكن تم التغاضي عنها وحذف تفاصيلها بل وتبريرها ... وصحيح أن الأمور عندما تصبح أحيانًا محرجة للغاية - وواضحة جدًا - ربما يتم عزل أحد قادة الشرطة المحليين أو يتم إعادة تنظيم لمسئولي الوزارة. لكن عمليات القتل لا تتوقف. وقد كانت هناك حجة جديدة وهي: تسلل عناصر شيعية متطرفة للشرطة؛ وهو ما كان صحيحًا إلى حد ما فيما عدا أنه لم يكن تسللًا بالمعنى الحقيقي، بل هو بالأحرى تحالف في عدد من الأماكن: تزامن مع مصلحة طائفية ... أما في عام ٢٠٠٧م، كنت قد ألحقت بوحدة عسكرية أمريكية في العاصمة بغداد مكلفة بملاحقة بعض العناصر الميليشية الشيعية المشتبه في مهاجمتها لأهل السنة. وكانت القواعد حينئذ تتطلب وجود حامية مرافقة من الشرطة العراقية. ووجد قائد الشرطة على مدى أكثر من ساعة أعذارًا ليحول دون بدء المداهمة. وكان الجميع يعرف أن العناصر المستهدفة قد تم تحذيرها من قبل الشرطة نفسها، أو تناهى إليها شك في ذلك على الأقل. لكن شيئًا لم يحدث فيما عدا بعض الهمهمة في الوقت الضائع. وهذا يجعلني غاضبًا عندما أسمع في الوقت الحالي مسئولين أمميين (٢)

وسياسيين، بعد هذه التسريبات، يدعون إلى إجراء تحقيقات. نعم هناك أشياء لم نكن نعرفها: بشأن الأوامر الأمريكية بعدم التحقيق في ادعاءات القتل والتعذيب؛ وهو دليل التواطؤ. ونعم صحيح أن التحقيق ضرورة حاسمة. ولكن لماذا الآن، وليس آنذاك؟ لمن في العراق لم يعرف عن عمليات القتل والتعذيب؟ وعن فرق الموت التابعة للشرطة؟ وعن شيء لم يحدث قط


(١) See, Peter Beaumont: Iraq war logs: These crimes were not secret, they were tolerated, Guardian (www.guardian.co.uk), October ٢٥, ٢٠١٠
(٢) نسبة إلى الأمم المتحدة ..

<<  <   >  >>