للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي بعض الروايات تتجسم كالزبدة على شفتي الإمام بعد وفاته، فيتناولها الإمام من بعده بفمه ويأكلها. وفي بعضها: تتجسم كعصفور فيبلعها وصيهُ والإمام من بعده، كما جرى ذلك بين الإمامين الرضا والجواد عليهما السلام» اهـ.

والرجعة تُعَد من أصول الدين عند الإمامية، بل ومن أشهر عقائدهم التي بيَّنها علماؤهم في كتبهم القديمة والحديثة، وهي من ضروريات مذهبهم؛ يعرِّفها محمد بن رضا المظفر بقوله (١): «إن الذي تذهب إليه الإمامية - أخذًا بما جاء عن آل البيت عليهم السلام - أن الله تعالى يعيد قومًا من الأموات إلى الدنيا في صورهم التي كانوا عليها، فيعزّ فريقًا ويذلّ فريقًا آخر، ويديل المحقين من المبطلين، والمظلومين منهم من الظالمين، وذلك عند قيام مهدي آل محمد عليه وعليهم أفضل الصلاة والسلام. ولا يرجع إلا من علت درجته في الإيمان، أو من بلغ الغاية في الفساد، ثم يصيرون بعد ذلك إلى الموت، ومن بعده إلى النشور وما يستحقونه من الثواب أو العقاب، كما حكى الله تعالى في قرآنه الكريم تمنّي هؤلاء المرتجعين - الذين لم يصلحوا بالارتجاع فنالوا مقت الله - أن يخرجوا ثالثًا لعلهم يصلحون: {قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِّن سَبِيلٍ} (٢)» اهـ.

ولقد استدلوا على قولهم بالرجعة بقول الله تعالى: {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ} (٣)، فقالوا: إن المراد من العباد الصالحين إنما هو القائم وأصحابه (٤).

[من الراجعون؟]

قالوا: «من حصيلة مجموع الروايات الواردة في هذا الباب نلاحظ أنها تنص على رجعة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأمير المؤمنين (٥) - عليه السلام -، والإمام الحسين - عليه السلام - (٦)، وكذلك باقي


(١) محمد رضا المظفر: عقائد الإمامية، ص (٨٣)، فصل الإمامة، باب عقيدتنا في الرجعة.
(٢) غافر: ١١
(٣) الأنبياء: ١٠٥
(٤) انظر: تفسير القمي (٢/ ٧٧).
(٥) السابق (٢/ ١٤٧)، والمجلسي: بحار الأنوار (٥٣/ ٣٩).
(٦) المجلسي: بحار الأنوار (٥٣/ ٣٩)، والكليني: الروضة من الكافي (٨/ ٢٠٦)، رقم: ٢٥٠

<<  <   >  >>