للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الأول

أولوية الرد إلى الأمر الأول

مهما اجتهد الباحثون في إدراك الأولويات، وعرك المصلحون طريق التجارب والخبرات، وعانَى الدعاة في درب الإصلاح، وتنوعت بهم المسالك والاجتهادات - فسيبقى أن أَوْلَى الأولوياتِ، ورأسَ المهماتِ، وبدايةَ المنطلقات هي الردُّ إلى الأمر الأوَّلِ؛ ذلك أنه لن يُصلح آخِرَ هذه الأمة إلاَّ ما أصلح أولَهَا (١)، وما لم يكن يومئذٍ دينًا فلن يكون اليوم دينًا (٢).

فالأمر الأول "ما أذا عليه اليومَ وأصحابي" (٣)، فلزومُ سبيلِ الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسانٍ، هو منهج النجاة، وسبيل الفلاح، وطريق النجاح، و"إذا كانت سعادة الدنيا والآخرة هي باتِّبَاعِ المرسلين، فمن المعلوم أن أَحَقَّ الناس بذلك هم: أَعْلَمُهُم بآثار المرسلين، وأَتْبَعُهُم لذلك، فالعالمون بأقوالهم وأفعالهم المتبعون لها هم أهل السعادة في كل زمان ومكان، وهم الطائفة الناجية من كل ملَّةٍ، وهم أهل السنة والحديث من هذه الأمة" (٤)؛ "فطوبَى للغرباء" (٥)، الذين يستمسكون بالهدي الأول، ويتبعون


(١) اقتضاء المراط المستقيم، لابن تيمية، (ص ٣٩٤).
(٢) من أقوال الإمام مالك، مقدمة الإحكام، لابن حزم، (٦/ ٢٢٥)، ط: دار الحديث.
(٣) أخرجه الترمذي، رقم، (٢٦٤١)، والحاكم، رقم، (١/ ٢١٨) من حديث عبد الله ابن عمرو رضي الله عنهما.
(٤) مجموع الفتاوي، لابن تيمية، (٣/ ٣٤٦).
(٥) أخرجه مسلم، (١٤٥) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.

<<  <   >  >>