للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ} [المائدة: ٦٤].

- وقال تعالى: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} [الأعراف: ١٦٧].

هذه الحالات الثلاث التي اتسم بها تاريخ بني إسرائيل يكشف عن منزلة التميُّز، وأَنَّهُ من لوازم سبيل الرشد والطريق المستقيم، وأَنَّ المن والعطاء الذي أحاط ببني إسرائيل كان من أجل حمل رسالة الدين والاستقامة على منهج اللَّه، وإذ لم يحققوا ذلك وتنكبوا طريقه سلبهم اللَّه ما أنعم به عليهم، واصطفى لحمل رسالته قومًا آخرين.

يقول أحد الباحثين: (ولقد اختارهم اللَّه حقًا ذات يوم وكانوا شعب اللَّه المختار. . . ولكنهم عند الابتلاء سقطوا وجحدوا تلك النعمة فلم يرعوها حق رعايتها (وكانت) صفحتهم سوداء. . . أدت إلى نزع العهد منهم ورفع الاختيار عنهم ومنحه لأُمَّةٍ سواهم. . هي التي قال لها: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: ٣]، وقال عنها: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} (١) [آل عمران: ١١٠].

إن هذا المصير الذي آلت إليه اليهود ينطبق على كلِّ من هذا حَذْوهم بدءًا بالنَّصارى الَّذين قال اللَّه عنهم: {وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} [المائدة: ١٤].

وينطبق ذلك على المشركين كافَّة وعلي المنافقين وعلي المبتدعين بقدر


(١) محمد قطب: مذاهب فكرية معاصرة: ص: (٧٩ - ٨١)، الطبعة الأولى: (١٤٠٣ هـ - ١٩٨٣ م)، عن دار الشروق - بيروت.

<<  <  ج: ص:  >  >>