للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُتَشَابِهًا} [الزمر: ٢٣]: (يعني ما يشبه بعضه بعضًا في الأحكام، والحكمة، واستقامة النظم) (١)، وفي (التشبه)، معنى زائد على المماثلة وهو (المحاكاة والتقليد) (٢).

وأما التشبه المنهي عنه فإنه: (مماثلة الكافرين بشتى أصنافهم في عقائدهم، أو عباداتهم أو عاداتهم، أو في أنماط السلوك التي هي من خصائصهم) (٣).

ويخرج من دائرة النهي (ما لم يكن من خصائص الكفَّار، ولا من عقائدهم، ولا من عاداتهم، ولا من عباداتهم، ولم يعارض نصًّا أو أصلًا شرعيًا، ولم يترتب عليه مفسدة، فإِنَّه لا يكون من التشبه، وهذه قاعدة مجملة) (٤)، وكذلك ما كان مشروعًا في الإسلام وفعله السلف الصالح،


(١) الراغب الأصفهاني: المرجع السابق نفسه: مادة (شبه).
(٢) انظر: بطرس البستاني: محيط المحيط (قاموس مطول في اللُّغة العربية)، (٢/ ١٧٥٠)، طبعة (١٨٧٠ م)، بيروت، (لم يذكر الناشر).
(٣) ناصر عبد الكريم العقل: من تشبه بقوم فهو منهم ص: (٧)، مرجع سابق، وانظر: ابن تيمية: اقتضاء الصراط المستقيم ص: (٦٤ - ٦٩)، بتحقيق: محمد حامد الفقي، مرجع سابق، قد جعل لهذا عنوانًا جانبيًا وهو (قطعت الشريعة المشابهة في الجهات والأوقات أو الهيئات)، انظر المرجع السابق نفسه ص: (٦٤).
(٤) المرجع السابق نفسه ص: (٧)، وانظر: ابن تيمية اقتضاء الصراط المستقيم: (١/ ٤١٨)، تحقيق: عبد الكريم ناصر العقل، مرجع سابق، فقد أشار إلى جانب آخر وهو أن المخالفة لهم لا تكون إلا مع ظهور الدين وعلوه، فلما كان المسلمون في أول الأمر ضعفاء لم تشرع المخالفة لهم، فلما كمل الدين وظهر وعلا شرع ذلك، ومثل ذلك اليوم: لو أن المسلم بدار حرب أو دار كفر غير حرب، لم يكن مأمور بالمخالفة لهم في الهدي الظاهر، لما عليه في ذلك من الضرر، بل قد يستحب للرجل أو يجب عليه، أن يشاركهم أحيانًا في هديهم الظاهر، إذا كان في ذلك مصلحة دينية: من دعوتهم إلى الدين، أو الاطلاع على باطن أمورهم، لإخبار المسلمين بذلك، أو دفع ضررهم عن المسلمين، ونحو ذلك من المقاصد الصالحة، وهذا من يسر الدين الإسلامي ومراعاته للظروف والأحوال، فالقيام فيه على القدرة، ولا يكلف اللَّه نفسًا إلّا وسعها.

<<  <  ج: ص:  >  >>