للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رمز، رمز للتميز والاختصاص، تميز التصور، وتميز الشخصية، وتميز الهدف، وتميز الاهتمامات، وتميز الكيان.

والأمة المسلمة -اليوم- بين شتى التصورات الجاهلية التي تعج بها الأرض جميعًا، وبين شتّى الأهداف الجاهلية التي تستهدفها الأرض جميعًا، وبين شتى الاهتمامات الجاهلية التي تشغل بال الناس جميعًا، وبين شتى الرايات الجاهلية التي ترفعها الأقوام جميعًا. . . الأمة المسلمة اليوم في حاجة إلى التميز بشخصية خاصة لا تلتبس بشخصيات الجاهلية السائدة، والتميز بتصور خاص للوجود والحياة لا يلتبس بتصورات الجاهلية السائدة، والتميز بأهداف واهتمامات تتفق مع تلك الشخصية وهذا التصور، والتميز براية خاصة تحمل اسم اللَّه وحده فتعرف بأنها الأمة الوسط التي أخرجها اللَّه للناس لتحمل أمانة العقيدة وتراثها.

إن هذه العقيدة منهج حياة كامل، وهذا المنهج يميز الأمة المستخلفة الوارثة لتراث العقيدة، الشهيدة على الناس، المكلفة بأن تقود البشرية كلها إلى اللَّه. . . وتحقيق هذا المنهج في حياة الأمة المسلمة هو الذي يمنحها ذلك التميز في الشخصية والكيان، وفي الأهداف والاهتمامات، وفي الراية والعلامة.

وهو الذي يمنحها مكان القيادة الَّذي خلقت له، وأخرجت للناس من أجله، وهي بغير هذا المنهج ضائعة في الغمار، مبهمة الملامح، مجهولة السمات، مهما اتخذت لها من أزياء ودعوات وأعلام (١).

إن ضرورة تميز الأمة الإسلامية تزداد كما تقارب الزمان، وتقدمت وسائل الاتصال، واختلطت أمم الأرض بمناهجها وثقافاتها سارت البشرية نحو العالمية في نظمها السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها لئلا


(١) في ظلال القرآن: (١/ ١٢٩)، مرجع سابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>