للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذا يحتاج إلى دليل آخر خارج عن علومهم ومعارفهم، فضلًا عن معرفة صفات هذا الموجد وحقوقه سبحانه وتعالى، بل قد تحتاج النتيجة ذاتها إلى استدلال عليها) (١).

والأدلة النفسية: (تثير الجانب النفسي في الإنسان، ليتأمل من داخله، ويستدل بشعوره، وليتواءم مع هذه الفطرة المنقدحة في حناياه، بأن هذا الكون حق، وأن وراءه حكمة وقصدًا عظيمًا، وهذه الأدلة بالغة الأهمية للإنسان، وفي قضية الإيمان بالذات، التي لا تعتمد على مجرد المعرفة العقليَّة، وإنَّما لا بُدَّ أن تتشابك فيها عناصر هذا الكيان الإنساني البديع، لتستقر وتأنس، وتنفعل وتتحرك. . . وماذا تغني المعارف والحواس إذا كان وراءها قلب خرب لا يتجاوب مع ما يحفل به هذا الكون من جمال وجلال وإبداع يدل على عظمة صانعه ومبدعه جلَّ شأنه) (٢).

والأدلة العقليَّة: (تقوم على عمليات فكريَّة، كترتيب المقدمات واستخراج نتائجها، حسب ضوابط وقوانين وراء بداهة الحس، ومشاعر النفس، وإن كان الإدراك في الجميع راجع إلى النقل، والأدلة العقليَّة أوسع مدى من أشكال المنطق اليوناني، وضروبه؛ لذلك لم يتقيد القرآن الكريم به، وإنَّما جاء على نمط خاص في الاستدلال العقلي، واستخرج منه العلماء أنواعًا كثيرة. . . ولا يزال القرآن الكريم حمَّالًا لمزيد من الأوجه، التي يتسع لها العقل البشري الفاحص المتأمل. . . وهو كما بذَّ طرق العرب رغم نزوله بلغتهم، فهو كذلك يبذ طرق الفلاسفة وأصحاب المنطق اليوناني وأضرابهم، وقد حاول أقوام من المتفلسفين والمتكلمين المسلمين، أن ينزلوا الأدلة القرآنية على طرائق الفكر البشري، وموازينه في


(١) المرجع السابق نفسه: ص ٢٠.
(٢) المرجع السابق نفسه: ص ٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>