للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومِمَّا يؤكد ذلك ويشهد به ما يلاحظ في واقع البشر وتاريخ الإنسان من (إقدام أصحاب العقيدة إلى التضحية بأنفسهم في سبيل عقيدتهم -سواء أكانت عقيدة صحيحة أم فاسدة) (١)، وقد تخرج هذه التضحية من دائرة العرف والمألوف لتصبح نوعًا من الفوضى والهمجيَّة والحماسة الطائشة كالذي تفعله (بعض فرق البوذية في جنوب شرق آسيا (حيث تقدم) على الانتحار الجماعي بالحرق، تنفيذًا لبعض تعاليم البوذيَّة) (٢)، بيد أنَّ العقيدة الإسلاميَّة وهي عقيدة الفطرة والعقل والحق والفضيلة والخير والمعروف تتسم بالانضباط وملازمة الحق ومناصرته، وإذا كان الجهاد في سبيل اللَّه وهو ذروة سنام الإسلام من أعظم الأدلة على فاعليَّة العقيدة الإسلاميَّة، حيث يقدم المسلم على الاستشهاد في سبيل اللَّه، ويستعذب الموت دفاعًا عن دينه (٣)، فإنَّ لذلك ضوابط شرعيَّة تفرضها عقيدة الإسلام على الأُمَّة الإسلاميَّة، وقد أثبت التاريخ التزام الأُمَّة الإسلاميَّة في مجمل تاريخها بتلك الضوابط.

وعلى سبيل المثال فإنَّ قتال الكفَّار في الفتوحات الإسلاميَّة كان آخر ما تلجأ إليه الأمَّة بعد الدعوة إلى الدخول في الإسلام، أو دفع الجزية، فإذا لم يتحقق ذلك وأصبح القتال هو الحل الوحيد، فإنَّه مقيد أيضًا بأخلاقيات إنسانية سامية شهد بها المنصفون وسجلها التاريخ، من مثل قول (بيجي رودريك): (قوانين الحرب في الإسلام تعتبر أكثر القوانين إنسانيَّة ورأفة، فهي تضمن السلامة التامَّة للنساء والولدان والشيوخ وجميع غير المحاربين، فليس هناك في نظر الإسلام أبشع من جريمة قصف


(١) نبيل السمالوطي: ص ٢٥، (المرجع السابق نفسه).
(٢) نبيل السمالوطي: بناء المجتمع الإسلامي ونظمه. .: ص ٢٥، (المرجع السابق نفسه)، وانظر: محمد كمال جعفر: الإنسان والأديان: ص ٣٩، (مرجع سابق).
(٣) المرجع السابق نفسه: ص ٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>