للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حاجة البشرية إلى النظام]

من الظواهر المتكررة في تاريخ البشرية، أن الإنسان يميل إلى الجماعة، ويندفع إلى التجمع بفطرته، ويلتف حول أفراد جنسه ليكونوا مجتمعًا يلبي حاجاتهم، ويوفر لهم الضرورات وفيه يتم التفاعل بين الفرد والجماعة على مختلف المستويات، وهذه الظاهرة يعبر عنها علماء الاجتماع بمقولة (أرسطو): (الإنسان مدني بالطبع) (١)، وقد ورد في القرآن الكريم ما يشير إلى ذلك في عدة آيات منها قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: ١]، وقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [الحجرات: ١٣].

[ويدفع البشر إلى التجمع دوافع عدة من أهمها]

أولًا: الدافع النفسي: فالفرد يحتاج أن يكون في جماعة ليسكن إليها، كما احتاج أبو البشر عليه السلام إلى حواء عليهما السلام ليسكن إليها، فالدافع النفسي إذًا هو الدافع الأول للتجمع البشري، والإنسان بفطرته يأنس للجماعة، ولا بد أن يعيش في جماعة، ومن أجل ذلك كانت عقوبة السجن مؤلمة للإنسان من الناحية النفسية؛ لأن فيها حرمانًا له من الجماعة (٢).


(١) نقلًا عن عمر عودة الخطيب: المسألة الاجتماعية بين الإسلام والنظم البشرية: ص: (٢١)، الطبعة الثالثة: (١٣٩٩ هـ - ١٩٧٩ م)، عن مؤسسة الرسالة - بيروت.
(٢) انظر: محمد رأفت سعيد: المدخل لدراسة النظم الإسلامية: ص: (١٩)، الطبعة الأولى: (١٤٠٤ هـ - ١٩٨٤ م)، عن دار العلم للطباعة والنشر - جدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>