للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التي تعتقد بتوارث الشر، فترسبت هذه العقيدة في سويداء قلبه، ومال إليها تفكيره، وتلونت بها شخصيته، وبالتالي دبَّت في نظامه فجاء نظامًا جائرًا وتشريعًا ظالمًا، وكان من الممكن أن ينجو الفكر البشري من هذه الأفكار الخاطئة والنظم الجائرة لو اهتدى بنور الوحي (١)، فاللَّه تعالى يقول: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [فاطر: ١٨].

ونزعة أخرى ظهرت في نظام (أفلاطون) بحكم اعتماده على عقله بعيدًا عن هداية الوحي، فقد تطرَّف نظامه إلى النزعة الجماعية على حساب الفرد، وكان يرى (أنَّ وجود أي منفعة شخصية لفرد يهدم منفعة المجموع، ولذا يجب أن تنهار المصالح الفرديَّة ويقضى عليها. . . بحيث لا يجوز أن يكون لأي فرد في الأمة منفعة شخصية تتميز عن منفعة مجموعها) (٢).

إنَّ (أفلاطون) أنموذج من النماذج البشرية التي حاولت أن تنظم لمجتمعها استنادًا على العقل البشري مستقلًا عن وحي اللَّه، فكان هذا التطرف الذي لم يستطع تحقيق التوازن بين الماديَّة والروحية، ولا بين نزعة الفرد ومصلحة الجماعة، ولا بين الواقع والخيال) (٣).

رابعًا: جهل الإنسان بحقيقته، إذا كان الإنسان الذي هو موضوع التنظيم، أو الأساس في التنظيم لا يزال مجهولًا عند نفسه، فكيف يضع النظام الذي يكفل المحافظة على ضروراته ويلبي حاجاته ومتطلبات حياته بصفة شمولية متوازنة؟!، وكيف يؤمل فيه أن يكون مصيبًا فيما يشرع من نظام بمنأىً عن الوحي الرباني الذي يصله بخالقه عز وجل.


(١) انظر: عمر عودة الخطيب: المسألة الاجتماعية. . . ص: (٤٦)، (مرجع سابق). وانظر: محمد رأفت سعيد: المرجع السابق نفسه: ص: (٢٦، ٢٧).
(٢) عمر عودة الخطيب: المسألة الاجتماعية: ص: (٤٦)، (مرجع سابق).
(٣) انظر: المرجع السابق نفسه: ص: (٤٧، ٤٨)، وانظر: محمد رأفت سعيد: المدخل لدراسة النظم الإسلامية: ص: (٢٧)، (المرجع السابق نفسه)

<<  <  ج: ص:  >  >>