للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الربانية وموقف المستشرقين منها

[تمهيد]

الربانيَّة خصيصة من خصائص تميُّز الأُمَّة الإسلاميَّة، إذ هو تميُّزٌ يستند إلى دين اللَّه الموحى به إلى الرسول الخاتم محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو دين الإسلام: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} [آل عمران: ١٩]، والإسلام صبغة اللَّه {صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ} [البقرة: ١٣٨].

قال القرطبي: (صبغة اللَّه أحسن صبغة، وهي الإسلام، فسمِّي الدين صبغة استعارة ومجازًا من حيث تظهر أعماله وسمته على المتدين، كما يظهر أثر الصبغ في الثوب) (١).

وقال أيضًا: (وأصل ذلك أن النصارى كانوا يصبغون أولادهم في الماء، وهو الذي يسمونه المعموديَّة [التعميد] (٢)، ويقولون هذا تطهير. . . فإذا فعلوا ذلك قالوا: الآن صار نصرانيًّا حقًّا، فردَّ اللَّه تعالى ذلك عليهم بأن قال: {صِبْغَةَ اللَّهِ} أي: صبغة اللَّه أحسن صبغة وهي الإسلام. . .) (٣).

يتضح من هذا أنَّ خصيصة الربَّانيَّة من أهم خصائص تميُّز الأُمَّة الإسلاميَّة، حيث إنَّ الأُمَّة إذا أضيف إليها الإسلام أو وصفت به فإنَّها تصطبغ به حتى يصبح الإسلام صبغتها الذي تظهر به وتتطهر بطهوره، ويظهر سمته عليها، وتحقق بذلك ذاتيَّة متميِّزَة، وبذا فإنَّ من أهم خصائص تميُّزها خصيصة الربانية.

* * *


(١) الجامع لأحكام القرآن ٢/ ٩٨، (مرجع سابق).
(٢) من الشعائر النصرانيَّة. انظر:/ مادة (عمد) في معجم المنجد.
(٣) القرطبي: المرجع السابق نفسه ٢/ ٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>