للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومِمَّا ترتَّبَ على ذلك: أنَّ سُنَّة المصطفى -صلى اللَّه عليه وسلم- (حجَّة على العباد يلزمهم العمل بمقتضاها) (١)، وهو ما أجمعت عليه الأُمَّة الإسلاميَّة، كما (أنَّ الإجماع قد انعقد على أنَّه كان يوحى [إلى الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-] غير القرآن) (٢)، وفي مثل قول اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ-: {وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} [الجمعة: ٢]، قال الشافعي: (الحكمة سُنَّة رسول اللَّه) (٣).

• أمَّا بالنسبة لنقل السُّنَّة فإنها تختلف عن القرآن الكريم من حيث إنَّ القرآن الكريم (مقطوع به في الجملة والتفصيل) (٤).

والسُّنَّة: (القطع فيها إنَّما يصح في الجملة لا في التفصيل) (٥).

ب- تدخل السُّنَّة النبويَّة في حفظ اللَّه تعالى الذي دلَّ عليه قوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُون} [الحجر: ٩]، فقد أكد بعض العلماء أن السُّنَّة داخلة في الذكر، وفي ذلك قال ابن حزم: (فصح أن كلام رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كله في الدين وحي من عند اللَّه عز وجل، ولا شكَّ في ذلك، ولا خلاف بين أحدٍ من أهل اللغة والشريعة: في أن كل وحي نزل من عند اللَّه تعالى فهو ذكر منزل، والوحي كله محفوظ بحفط اللَّه تعالى له بيقين. . . لا سبيل البتة إلى ضياع شيء قاله رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في الدين، ولا سبيل البتة أن يختلط به باطل موضوع اختلاطًا لا يتميز عن أحد من الناس بيقين؛ لأنه لو جاز ذلك لكان الذكر غير محفوظ) (٦).


(١) عبد الغني عبد الخالق. المرجع السابق نفسه: ص ٣٤١.
(٢) المرجع السابق نفسه: ص ٣٣٨.
(٣) الرسالة: ص ٣٢، (مرجع سابق). وقد ذكرها في مواضع كثيرة من الرسالة منها ما ورد في الفقرات التالية (٩٦، ٢٤٥ - ٢٥٧، ٣٠٥ - ٣٠٧).
(٤) الشاطبي: الموافقات ٤/ ٦، (مرجع سابق).
(٥) المرجع السابق نفسه: ص ٦.
(٦) الإحكام في أصول الأحكام ١/ ١١٤، ١١٥، (مرجع سابق).

<<  <  ج: ص:  >  >>