للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فلان وسط من الرجال تنبيهًا أنَّه قد خرج من حَدِّ الخير) (١)، حيث استعمل لفظ (وَسَط) للكناية عن صفة مرذولة (٢).

وقد وردت هذه المعاني في لفظ (وَسَط) و (وَسْط) ومشتقاتها؛ في أشعار العرب وآدابها، وورد أكثرها في القرآن الكريم والسُّنَّة النبوية المطهرة (٣)، ولا يتسع المقام هنا لذكرها مفصلة، وإنَّما يمكن القول بأنَّ وسطيَّة الأُمَّة الإسلاميَّة تعني من تلك المعاني المتعددة أن الأُمَّة الإسلاميَّة خيار الأمم في ذاتها، وأعدلها في حكمها، وأنصفها في شهادتها على الناس، وأقومها في السير على منهج اللَّه، وأحسنها رجعة إلى اللَّه وأنها الأظهر، والأمنع، والأقوى والأعز؛ إذا هي سارت على صراط اللَّه المستقيم، وتمسكت بالعروة الوثقى؛ لقوله تعالى: {يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [المنافقون: ٨].

كما أنَّ الأُمَّة الإسلاميَّة وسط بن الأمم من حيث الزمان والمكان (٤).


(١) الراغب الأصفهاني: مفردات ألفاظ القرآن: مادة (وسط)، (مرجع سابق).
(٢) انظر: الراغب الأصفهاني: المرجع السابق نفسه: مادة (وسط).
(٣) انظر: السيد رزق الطويل: الوسطية ومواقعها في القرآن الكريم: ص ٢٠ - ٢٤، (مرجع سابق). وانظر: ابن الأثير: النهاية في غريب الحديث: مادة (وسط)، (مرجع سابق).
(٤) انظر: ابن تيمية: الجواب الصحيح. . ١/ ١٦٤، ١٦٥، (مرجع سابق). وانظر ابن خلدون: مقدمة ابن خلدون: ص ٨٤ - ٨٧، (مرجع سابق). وفيهما تناول ابن تيمية وابن خلدون جانبًا من وسطيَّة الأمَّة الإسلامية من حيث التوسط في الناحية الجغرافية وأثره في وسطية الأمة وتميزها دون سائر الأمم؛ ومِمَّا قاله ابن تيمية في ذلك: (فبلغ ملك أمته [يعني الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-]، طرفي العمارة شرقًا وغربًا، وانتشرت دعوته في وسط الأرض، كالإقليم الثالث والرابع والخامس؛ لأنهم أكمل عقولًا، وأخلاقًا، وأعدل أمزجة، بخلاف طرفي الجنوب والشمال، فإن هؤلاء نقصت عقولهم وأخلاقهم، وانحرفت أمزجتهم). الجواب الصحيح. . ١/ ١٦٤، وعلل ذلك بما يتفق مع ما ذكره ابن خلدون في مقدمته.=

<<  <  ج: ص:  >  >>