للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عقابه، وقلبه (يستشعر يد اللَّه عليه، ويحس آلاءه في كل نفس وكل نبضة. . . ومن ثمَّ يستصغر كل عباداته وشمتقل كل طاعاته، إلى جانب آلاء اللَّه ونعمائه. . . ومن ثَمَّ يشعر بالهيبة ويشعر بالوجل، ويشفق أن يلقى اللَّه وهو مقصر في حقه، لم يوفه حقه عبادة وطاعة، ولم يقارب أياديه عليه معرفة وشكرًا) (١).

وفي الحديث أن أم المؤمنين عائشة -رضي اللَّه عنه-: (سألت الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- عن هذه الآية {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ} [المؤمنون: ٦٠]، قالت عائشة: هُمُ الذين يشربون الخمر ويسرقون؟ قال: "لا يا بنت الصديق، ولكنهم الذين يصومون ويصلون ويتصدقون، وهم يخافون أنْ لا يقبل منهم، أولئك الذين يسارعون في الخيرات" (٢).

وأمَّا الجانب الآخر من إيجابيَّة الأُمَّة الاسلاميَّة، على مستوى العالم من حولها بدءًا بالعرب ثُمَّ بمن جاورهم من الأمم الأخرى ثُمَّ العالم أجمع، فإنَّ الأُمَّة الإسلاميَّة انطلقت وهي تحمل عقيدة التوحيد وشريعة اللَّه، وما انبثق عنهما من قيم وأخلاق ومبادئ ومثل، في حركة إيجابيَّة خيِّرَة نال من خيرها العرب في الجزيرة العربيَّة، واتسع نطاقها شرقًا وغربًا حتى بلغت المحيط الأطلسي غربًا، إلى بلاد الهند والصين شرقًا، وفي خلال هذا الانتشار والفتح أسهمت الأُمَّة الإسلاميَّة: (في بناء حضارة جديدة ضخمة، قدر لها أن تصبح أعظم حضارة عرفها العالم أجمع طوال العصور الوسطى، وهي الحضارة الإسلاميَّة العربية، وكما يتضح من الاسم المركب لهذه الحضارة، فإنَّها استمدت عظمتها من مبادئ الإسلام ومثله وروحه، ومن المهد الذي ولدت فيه، وحسب العرب في عهدهم الجديد،


(١) سيد قطب: في ظلال القرآن ٤/ ٢٤٧٢، (مرجع سابق).
(٢) أخرجه الترمذي: الجامع الصحيح ٥/ ٣٠٦، ٣٠٧، كتاب تفسير القرآن، الباب [٢٤]، رقم الحديث [٣١٧٥]، تحقيق: كمال يوسف الحوت، (مرجع سابق).

<<  <  ج: ص:  >  >>