للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأفراد، فإذا التزم كلُّ فرد بهذا القصد وتلك الغاية نتج عن ذلك وحدة الأُمَّة في عقيدتها وعبادتها، قال تعالى: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} [البقرة: ١٤٤]، ويبلغ التسليم والذل والخضوع بالمسلم غايته للَّه تعالى في حالة السجود.

يقول أحد الباحثين: (إنّ العبد وهو يقف أمام مولاه تبارك وتعالى في سجوده إنّما يبلغ الغاية في الخضوع والتذلل، وينصب أشرف أعضائه على أذلِّ شيء في الوجود. . . الأرض. . .، ويهتف بأعظم كلمة يعلن بها عظمة اللَّه وعلوه، فيقول: "سبحان ربي الأعلى"، وهنا تتفق روعة الهيئة والمكان (١)، مع روعة البيان والإعلان. وإذا سجد فك سلاسل التقليد، السلاسل التي فرضها عليه المجتمع والأعراف والعادات والآداب، فخرَّ


(١) الأصل في الأرض: الطهارة، وقد جُعلت الأرض للرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- ولأمته مسجدًا وطهورًا، وهذا مِمَّا خصّ به الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- (تقدم ذكر ذلك)، ولا يستثنى من ذلك إلَّا ما ورد النهي عن السجود فيه مثل أماكن النجاسة أو المقابر؛ انظر: منصور بن يونس بن إدريس البهوتي: شرح منتهى الإرادات: ص ١٥٦، (حيث ذكر سبعة مواضع لا تصح الصلاة فيها، وفي ذلك تفصيل وخلاف)، نشر إدارة البحوث العلمية والإفتاء. . . - الرياض، (بدون تاريخ).
والشاهد من ذلك أنَّ مواضع السجود تشرف بالعبادة مع كونه مظهرًا من مظاهر الذل والخضوع؛ لأن ذلك الذل والخضوع مصروف لمستحقه وهو اللَّه -عزَّ وجلَّ-.
ومن هنا جاءت العناية بالمساجد من حيث التشريف والتعظيم، والمحافظة على نظافتها وطهارتها، وعمارتها بالصلاة والذكر والدعاء، إلى جانب عمارتها الحسيَّة بالتشييد، والبناء، ولكل ذلك أحكامه وآدابه وهديه من القرآن والسنة وإجماع الأُمَّة وسار عليه المسلمون في تاريخهم القديم والحديث. لمزيد الاطلاع؛ انظر: مجلة البحوث الإسلاميَّة، المجلد الأول، العدد الثاني: ص ٤٣٣ - ٦٠١، الصادرة عن الرئاسة العامَّة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء. . .، الرياض.

<<  <  ج: ص:  >  >>