للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحضارات الإنسانية المختلفة لا تدل بالضرورة على الاقتباس، ومع ذلك ورغم التشابه الضئيل القائم بين تعاليم الإسلام واليهودية والمسيحية، فإنَّ هناك اختلافات جوهرية - (سواء كان) في الصورة والشكل (أم) في المحتوى والغاية- بين العبادات في الدين الإسلامي وبينها في المسيحية واليهودية) (١).

والمستشرقون الذين يتوافرون على ذكر تلك المتشابهات للنيل من تميُّز الأُمَّة الإسلاميَّة وأمته عن الأديان والأمم السابقة يهملون بطريقة تبدو متعمدة الحديث عن الاختلافات الجوهرية بين الإسلام وأمته وغيرها من الأديان والأمم الأخرى، ولا يذكرون من جهة أُخرى الأسباب الحقيقية في ما يبرزونه من التشابه، مع أنّ (هذا التشابه النسبي يفسر -وهو المعقول من وجهة النظر الدينية- بوحدة المصدر الإلهي الذي نبعت منه هذه التعاليم السماوية) (٢).

تروي كتب التاريخ أنَّ النجاشي لما سمع آيات القرآن الكريم يتلوها على مسمعه جعفر بن أبي طالب هتف قائلًا: (إنَّ هذا والذي جاء به عيسى ليخرج من مشكاة واحدة. . . واللَّه ما عدا عيسى بن مريم ما قلت) (٣)، وكان القسس والرهبان كلما سمعت آية يتلوها جعفر (انحدرت دموعهم مِمَّا عرفوا من الحق، وقالوا: ما أشبه هذا بما كان ينزل على عيسى) (٤).


(١) عرفان عبد الحميد: المستشرقون والإسلام: ص ٢٦، (مرجع سابق).
(٢) عرفان عبد الحميد: المستشرقون والإسلام: ص ٢٦، (مرجع سابق). وانظر: شوقي أبو خليل: كارل بروكلمان في الميزان: ص ٥٣، (مرجع سابق).
(٣) ابن هشام: السيرة النبوية ١/ ٣٦٢، ٣٦٣، تحقيق: عمر عبد السلام تدمري، (مرجع سابق).
(٤) الواحدي: أسباب النزول: ص ١٥١، ١٥٢ (مرجع سابق)، وانظر: ابن هشام: المرجع السابق نفسه: ١/ ٣٦٢، وانظر: عرفان عبد الحميد: المستشرقون والإسلام: ص ٢٦، (مرجع سابق).

<<  <  ج: ص:  >  >>