للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكما أمر المسلمين في حجة الوداع وقال: "لتأخذوا مناسككم فإني لا أدري لعلي لا أحج بعد حجتي هذه" (١).

٤ - أمَّا قول (بروكلمان) و (مونتغمري وات) عن صوم يوم عاشوراء فهو مردود من وجوه عدَّة، من أهمِّها:

أ- ما ذكره بعض الإخباريين (من أنَّ قريشًا كانت تصوم يوم عاشوراء، وأن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يصومه أيضًا، وعندما هاجر إلى المدينة استمر في صيامه له، وأمر أصحابه بذلك أيضًا حتى أول السنة الثانية للهجرة، وبعد أن فرض الصيام أصبح صوم يوم عاشوراء اختيارًا) (٢)، فإذا صح هذا القول فإنَّ الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- صام عاشوراء قبل أن تكون هناك مظنَّة تأثر باليهود، كما أن بعض المستشرقين ادّعى أن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- كان متأثرًا في صوم يوم عاشوراء بما كان عليه قومه (٣) وليس اليهود، وقد سبق الرد على هذا القول ضمنًا فيما ذكر من قبل.


(١) أخرجه مسلم: صحيح مسلم: ٢/ ٩٤٣، باب استحباب رمي جمرة العقبة يوم النحر راكبًا وبيان قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لتأخذوا عني مناسككم" من كتاب الحج، (مرجع سابق)، وأخرجه أبو داود في سننه: ٢/ ٢٠٧، كتاب المناسك، باب: رمي الجمار باللفظ نفسه، (مرجع سابق)، وأخرجه النسائي في سننه بلفظ: "يا أيها الناس: خذوا عني مناسككم"، الحديث رقم (٣٠٦٢)، (مرجع سابق)، انظر: البحث نفسه: ص ٩٠، ٥٢٦.
(٢) انظر: ساسي سالم الحاج: الظاهرة الاستشراقية: ص ٣٢٤، وفيما أخرجه البخاري؛ قال الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من شاء أن يصمه فليصمه، ومن شاء أن يتركه فليتركه"، صحيح البخاري: ٢/ ٥٧٨، كتاب الحج، باب (٤٧)، الحديث رقم (١٥١٥)، تحقيق: البُغا، (مرجع سابق). والحديث مرويٌّ عن أم المؤمنين عائشة -رضي اللَّه عنها-، وممَّا قالت:"كانوا يصومون عاشوراء قبل أن يفرض رمضان، وكان يومًا تُستر فيه الكعبة، فلما فرض اللَّه رمضان قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-" (وذكرت الحديث)، فدلَّ ذلك على صحة ما ذكره الإخباريون عن كون صوم يوم عاشوراء عادة جرت عليها قريش من قبل.
(٣) انظر: عفاف صبرة: المستشرقون ومشكلات الحضارة: ص ٦٦، (مرجع سابق). =

<<  <  ج: ص:  >  >>