للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[د- أهمية الاستخلاف]

يشتمل استخلاف الإنسان في الأرض -كما ذكر بعض الباحثين- على علاقتين هما وجهان لحقيقة واحدة، وهي الخلافة أو الاستخلاف:

أمَّا العلاقة الأولى فهي (بين الإنسان وربه. . . تتمثل في الخضوع والطاعة والاستجابة واستسلام الخليفة لمن استخلفه، أو هكذا يجب أن تكون، وبكلمة واحدة نعبر بها عن هذه العلاقة نقول: إنها عبودية، أمَّا العلاقة الثانية من علاقتي الخلافة، فإنَّها تتمثل في سيطرة الإنسان الخليفة وهيمنته واستغلاله وحاكميته وتسخيره لكل ما استخلفه اللَّه عليه، أي: لكل ما في الأرض وما عليها، وما في باطنها من أشياء وأحياء، وبكلمة واحدة نقول: إنّ الإنسان سيد عليها، أي: أنّ هذه العلاقة تسمى سيادة، فالخلافة: عبوديَّة وسيادة) (١).

كما أنَّ هذه السيادة لا تتأتى للإنسان في وضعها الصحيح إلَّا بتحقيق العبوديَّة للَّه (فماذا لم يحقق الإنسان عبوديته للَّه فإنَّه يضيع سيادته في الأرض؛ لأنَّه إذا لم يحقق الإنسان عبوديته للَّه وحده، فإنه سيسقط بالضرورة في عبوديته لغير اللَّه ومن ثُمَّ يفقد سيادته على هذا الغير، وإذا لم يحقق الإنسان سيادته في الأرض، فإنَّه بالتالي يصعب عليه أن يكون عبدًا للَّه -عزَّ وجَلَّ- وحده، والمثل الواضح على هذا هو الوثني الذي يتوسل إلى اللَّه بأحياء أو أشياء مادية، فإنَّ هذا التوسل أو التزلف بها إلى اللَّه هو المانع الأول والحقيقي لسيادة الإنسان عليها ما دام يعتقد أنها أفضل منه وأقرب إلى اللَّه -عز وجل- فكيف يُمكن أن يسخرها لنفسه؟ وهذا التوسل شرك


(١) فاروق دسوقي: استخلاف الإنسان في الأرض ص ١٨، ١٩، (مرجع سابق). وانظر: عبد المجيد النجار: خلافة الإنسان: ص ٣١، ٣٤، ٣٥، ٤٩، ٥١، ٥٢، ٧٢، ٩٩، ١٢٥، (مرجع سابق).

<<  <  ج: ص:  >  >>