للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن ذلك قول الحق تبارك وتعالى: {قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ} [النحل: ٢٦]، وقال تعالى: {أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا السُّوأَى أَنْ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِئُونَ} [الروم: ٩ - ١٠].

وقد يسلب اللَّه الأمَّة التي أخفقت في حمل الرسالة سلطانها ويصيبها بهيمنة أمة أخرى عليها (١)، كما حدث لبني إسرائيل، ولمشركي مكة، والفرس والروم، فإنَّ اللَّه سبحانه وتعالى استخلف الأُمَّة الإسلاميَّة فسادت وهيمنت بشرع اللَّه عليهم جميعًا، وإذا كانت الحضارة الغربيَّة وما يلتف حولها من أمم في العصر الراهن تتطلع للسيادة والهيمنة وذريعتها في ذلك العلم ومناهجه التجريبيَّة والتطبيقيَّة ونحوها، فإنَّها ستواجه المصير الذي آلت إليه الأمم من قبل؛ لأنَّها حصرت -في مسارها العام- (العلم فيما جاء عن طريق التجربة والخبرة الحسيَّة وحدها) (٢)، وفصلت بين عالم الغيب وعالم الشهادة.

وعن ذلك يقول أحد المفكرين: (وعليه فإنَّ العلم باصطلاحهم محصور -مصدرًا- في التجربة، -وميدانًا- في المجال الرياضي


(١) انظر: عبد السلام بن نصر اللَّه الشريف: سنة اللَّه في عقاب الأمم: ص ٥٠ و ٢٩ - ٦١ (المرجع السابق نفسه)، وقد تحدث المؤلف في تلك الصفحات عن سنة العقاب؛ (مفهومها وأدلتها) وعن ضوابطها، وعن أشكال العقاب وأنّ منها العام ومنها العقاب المعنوي ومنها العقاب الحسي، وما وقع للأمم المكذبة من هذه الأشكال.
(٢) انظر: عبد الرحمن بن زيد الزنيدي: مصادر المعرفة ص ٤٨، (مرجع سابق).

<<  <  ج: ص:  >  >>