للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والطبيعي، وما يقبل موضوعه الخضوع للتجربة والاستقراء والمقاييس الكميَّة، وهذا التحديد لمفهوم العلم متولد من المذهب التجريبي في الفلسفة المعاصرة، الذي يتمثل في اتجاهات فلسفية، أبرزها الاتجاهان: الوضعي والماركسي، وقد أدى هذا المفهوم. . . إلى إنكار العلم فيما يتجاوز ميدان التجربة، وهو: عالم الطبيعة، وإنكار عالم ما وراء الطبيعة وكل ما كان مصدره الوحي الإلهي أو الشعور الأخلاقي من العلوم) (١)، وبذلك شقيت أمم الغرب ومن دار في فلكها بهذا العلم، وصرَّح نخبة من المفكرين الغربيين بإفلاس الحضارة الغربيَّة، وما أسموه بالانتحار العلمي (٢).

يقول رجاء الجارودي: (إن حضارتنا تقوم على أسس خاطئة، فنحن في المرحلة الأخيرة من الحضارة التي لا تكاد تبدأ، ما زلنا لا نعرف أن نحدد لأنفسنا غايات حقيقيَّة، ولا نسيطر على وسائلنا، إن حضارتنا تقوم على هذه الموضوعات الثلاث:

• تحيل الإنسان إلى العمل والاستهلاك.

• تحيل الفكر إلى ذكاء.

• تحيل اللانهائي إلى الكم) (٣).

ثُمَّ يقرر: (إنَّها حضارة مؤهلة للانتحار، انتحار لفقدان الهدف، يشهد على ذلك ضروب الفرار إلى المخدرات، وانتحار المراهقين بأعداد أكبر في الأصقاع الأغنى، انتحار لإفراط الوسائل، يبرهن على ذلك مثلًا المنظور الجائز لنضوب المصادر الطبيعية والتلوث، وذلك نتيجة لازمة


(١) المرجع السابق نفسه: ص ٤٧، ٤٨.
(٢) انظر: توفيق يوسف الواعي: الحضارة الإسلاميَّة مقارنة بالحضارة الغربية: ص ٧٦٦ - ٧٩٧، (مرجع سابق).
(٣) نقلًا عن: المرجع السابق نفسه: ص ٧٦٧، ولعل الأصح من قوله: (تحيل) أن يقول: (تحول).

<<  <  ج: ص:  >  >>