للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ئلاث عشرة آية على التوالي تعرض (صورة جامعة للكون في شيء من التفصيل بذكر أقسامه الكبرى "عالم الأفلاك، عالم النبات، عالم الحيوان، إلخ" أوضحت ما سخره اللَّه للإنسان من منافع الطبيعة) (١)؛ (فللإنسان في الأنعام دفء ومنافع، وفي الخيل والبغال والحمير وسائل للركوب، وفي الشمس والقمر فوائد، والبحر يأكل من حيتانه، وتسير فيه السفن ليبتغي من فضل اللَّه، إنّ وصف الطبيعة بهذه الأوصاف، وعرض هذا الجانب النافع منها تحريضًا على استغلالها والانتفاع بها وتسليطًا للإنسان عليها بعد أن كان الإنسان يخاف من الطبيعة، بل يعبد بعض أجزائها) (٢).

وإضافة لهذا التسخير فإنَّ موجودات الكون تشتمل على عنصر الجمال الذي هو من عناصر الحضارة ممَّا يؤكد قضية الاستخلاف، وأنَّ التسخير مقومٌ من مقوماته العامَّة، ثُمَّ إنّ اللَّه -عز وجل- (أودع في الأرض من المنافع، والمعادن، والأنهار، والعيون، والثمرات، والحبوب، والأقوات، وأصناف الحيوانات، وأمتعتها، والجبال، والجنان، والرياض، والمراكب البهيَّة، والصور البهيجة) (٣) (وأخبر عن منافعها، وأنه جعلها مهادًا وفراشًا وبساطًا وقرارًا وكفاتًا للأحياء والأموات) (٤)، ما يتسق مع خلافة الإنسان وما يحتاج إليه ليحقق ذلك الاستخلاف، ويستوي في التمتع بهذا التسخير البر والفاجر، والتقي والشقي، ولكن النهاية للتقوى والمتقين والوراثة النهائية لعباد اللَّه الصالحين، وفي ذلك وردت آيات كثيرة منها -إضافة لما سبق- قوله تعالى: {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا


(١) محمد المبارك: دراسات أدبية لنصوص من القرآن: ص ٥٨، ٥٩، (مرجع سابق).
(٢) المرجع السابق نفسه: ص ٦٣.
(٣) ابن قيم الجوزية: بدائع الفوائد ١/ ١٤١، (مرجع سابق).
(٤) المرجع السابق نفسه ١/ ١٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>