للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والسيادة يعود في مجمله إلى الاختلال في مفهوم العلم، ومفهوم الاستخلاف وتطبيقاتهما في حياتها، وعن هذا الجانب قال أحد المفكرين: (إنّ الأُمَّة الإسلاميَّة في بدء أمرها سادت بالعلم والتمسك بهذا المفهوم وإعلاء شأنه، وفي انحدارها انتكست بتنحيته، والإعراض عنه، وها هي اليوم تدفع ثمن المعرفة والعلم غاليًا، فهي مستهلكة لسلعة غيرها بأبهظ الأثمان، ليس من حيث القيمة الحقيقية، بل جراء ثمن المعرفة التي أنتجت السلعة، وهناك معارف يحاول الآخرون حجزها عنها، والحيلولة دون وصول الأمَّة الإسلاميَّة إليها، وتعاني من جراء ذلك ما تعاني، ولهذا لابُدَّ من إعادة مفهوم السيادة العلميَّة والمعرفيَّة. . . بتخطيط محكم، وتنظيم دقيق ينبثق من روح الأُمَّة وفكرها، ورغبتها في بلوغ المعالي، وإنّ من أوجب الواجبات على أهل العلم فيها شعورهم بأنهم حملة رسالة يستشعرون ثقل الأمانة التي شرفوا بالانتساب إليها منطلقين وملتزمين بمبادئ القرآن والسنة، متواضعين خاشعين، فهم منارات هداية للأُمَّة لتكون مسلمة حقًّا، مؤدية لما أراد اللَّه منها صدقًا. . . {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (١٥) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [المائدة: ١٥، ١٦]) (١).

ويُمكن القول أنَّ مقومات استخلاف الأُمَّة الإسلاميَّة بخاصة إضافة لما ذكر من العلم والتسخير، وما يتبعهما من مقتضيات، جاء ذلك مجملًا في قول اللَّه عز وجل: {الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} [الحج: ٤١]، وقوله تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا


(١) فاروق حمادة: أسس العلم وضوابطه ص ١٦، (مرجع سابق).

<<  <  ج: ص:  >  >>