للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢: إكثاره - رضي الله عنه - من الدعاء الذي كان يكثر عليه الصلاة والسلام منه، فقد سئل أنس - رضي الله عنه - أي دعوة كان يدعو بها النبي - صلى الله عليه وسلم - أكثر؟ قال: كان أكثر دعوة يدعو بها يقول: اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، فكان أنس إذا أراد أن يدعو بدعوة دعا بها (١).

وفي ذلك دليل على أن المحيطين بالداعية يراقبون جميع أفعاله وأقواله خاصة أهل بيته وخدمه، لذا يجب أن يعلم الداعية أن تهاونه بطاعة الله ليس كتهاون غيره؛ لأنه قدوة للناس، فمتى رأوه متهاوناً صاروا مثله أو أشد تهاوناً منه .. فعلى الداعي أمانة ثقيلة ومسئولية كبيرة (٢).

لن تستطيع ربة البيت الوصول إلى مرتبة التأثير بالفعل وحده إلا إذا جاهدت نفسها وربتها على التحلي بمظهر القدوة الصالحة عن طريق التمسك بالمبادئ التي تدعو إليها وتصديق عملها قولها (٣)، فإذا رأت العاملة حسن المعاملة ممن تعمل عندهم، ومطابقة أفعالهم لأقوالهم فإنها ستكون انطباعاً حسناً وستنقاد نفسها ويسهل تطبيقها لما تراه، ومثال ذلك لو رأت العاملة حرص من تعمل عندهم على أداء الصلاة في وقتها وترك لك ما يشغل عنها إذا دخل وقتها، فإنها ستحرص لا محالة على أدائها في وقتها وستشعر أهميتها دون أن يتكلم معها أحد، أما إذا دعتها ربة البيت لأداء الصلاة على وقتها ثم رأت تهاوناً بها من أفراد الأسرة فإن لن تثق بهم ولن تتقبل منهم أي توجيه دعوي، وستكون الأسرة التى عملت عندهم من وسائل اصد عن سبيل الله (٤)


(١) صحيح مسلم، كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل الدعاء بالهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، ١١٧١، رقم ٦٨٤٠.
(٢) رسالة إلى الدعاة ابن عثيمين، ٣٥ - ٣٦.
(٣) انظر جهاد النفس، على محمد الدهامي، ط ٣، دار طيبة الرياض، ١٤٢٦ هـ، ١٦ - ٢٣.
(٤) انظر رسالة إلى الدعاة ابن عثيمين، ٣٥ - ٣٦؛ كلنا دعاة، عبد الملك القاسم، ١/ ٢٤.

<<  <   >  >>