للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الملكية الفخمة، والولائم "الأرستقراطية"- التي تمثل الحضارة الأوروبية في أروع مظاهرها وأخلاق الطبقة الحاكمة وطبقة الأشراف، ونال الوسام الملكي ولقب الشرف، وقابل الملكة وولي العهد والوزراء الكبار، واختير عضوًا فخريًا في الجمعيات العلمية ذات الشرف الكبير، وحضر حفلة نادي المهندسين الكبار، واطلع على المشاريع والخطط التقدمية التي مرت بها البلاد في الزمن القريب، والتي أخذت ثورة وانقلابًا في الأوضاع وفي مستوى البلاد ومكنتها من بسط نفوذها وسيطرتها الفكرية" (١).

وعاد سيد خان إلى بلاده ونفسه ممتلئة إعجابًا بما شاهد ورأى، وأخذ على عاتقه بعد عودته إلى مماته، أن يفتح أعين المسلمين إلى عظمة الحضارة الغربية، ويشق لهم طريقًا للاقتباس منها واحتذائها، وكانت وسيلته إلى ذلك عدة مبادئ: "التعاون في المجال السياسي، واستيعاب علوم الغرب في المجال الثقافي، وتكييف وإعادة تأويل الإسلام في المجال الفكري" (٢)، ولقد أنشأ بعد عودته مجلة "تهذيب الأخلاق" وهدفها الرئيس إصلاح التفكير الديني للمسلمين -كما يراه- وإزالة ما في هذا الفكر من قيود تمنعهم من التقدم (٣)، وأنشأ كليته عليكره المعروفة الآن باسم جامعة عليكره، وكان الهدف منها تعليم آداب الغرب ولغاته بالدرجة الأولى (٤) ومن أهم المؤلفات التي اضطلع بها في تلك الفترة "تفسير القرآن" الذي لم يكمله، وقد أراد من ورائه أن يثبت أن حقائق الإسلام وتعاليمه لا تتعارض مطلقًا مع قوانين الطبيعة (Nature)؛ لأن القرآن هو "كلمة الله" وقوانين الطبيعة هي "فعل الله" ولا يتعارض كلامه مع فعله. "هذا كلام في ظاهره صحيح ولكنه يعتمد على تصورنا نحن لما نظن أنه تعارض" ومن أجل ذلك الهدف وضع تفسيرًا خالف فيه كلام العرب وآراء السلف وإجماعهم لمحاولته تأويل ما ظنه تعارضًا بين كلام الله وبين قوانين الطبيعة.


(١) "الصراع بين الفكرة الإسلامية والفكرة الغربية" الندوي ص ٧٣، وانظر تفاصيل زيارة سيد خان لإنجلترا في: " Hali, Hayat- ١ - Javed", P.١٠٧ - ١٢١.
(٢) B. A. Dar, "The Religious of sayyid Khan", P.٢٧٠.
(٣) "Hali, Hayat- ١ - Javed" P.١٢٣ - ١٢٥.
(٤) المصدر نفسه P.٢٧١.