للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

آراء سيد خان:

كيف سعى سيد خان لتكييف الإسلام وملاءمته للحضارة الغربية؟

اعتبر سيد خان القرآن وحده الأساس لفهم الإسلام مستشهدًا لذلك بقول لعمر بن الخطاب: "حسبنا كتاب الله"، وفي ضوء الظروف الجديدة وتوسع المعرفة الإنسانية لا يمكن الاعتماد في فهم القرآن على التفاسير القديمة وحدها، التي اشتملت على كثير من الخرافات، ولكن ينبغي الاعتماد على نص القرآن وحده، الذي هو بحق كلمة الله، ومن خلال معرفتنا وتجاربنا الذاتية يمكن لنا أن نفسر القرآن تفسيرًا عصريًا (١).

وليس في القرآن ما يخالف قوانين الطبيعة، ويعني سيد خان بالطبيعة (nature) نفس المعنى الذي استعمله علماء أوروبا في القرن التاسع عشر للميلاد، نظام كوني مغلق يخضع لقوانين عمياء ليس فيها أي مجال للخرق أو الاستثناء (٢).

ويستخدم سيد خان مفهومين لتقديم تفسير عصري للقرآن لا يناقض كما يعتقد قوانين الطبيعة، أولهما مفهوم المحكم والمتشابه، الذي جاء في قوله تعالى {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ} [آل عمران: ٧]، فهو يرى أن هذا التقسيم إلى محكم ومتشابه هو بعينه دليل على أن الإسلام هو دين الطبيعة، فالآيات المحكمة هي الأساسية والآيات المتشابهة هي الرمزية. الأولى تشتمل على أساسيات العقيدة، والثانية لأنها قابلة لأكثر من تفسير واحد فهي تساير تطور معارف البشر، فكلما تغير العصر وتغيرت الظروف وزادت معارف البشر وتجاربهم فلابدَّ في مقابلة ذلك أن يحدث تغير في فهم الناس للآيات المتشابهة، فقد يكون هناك تفسير لها مناسب لطور معين من المعرفة البشرية، ولكن في عصر آخر قد يوجد تفسير آخر يكون مناسبًا لطور المعرفة الجديد والمتقدم. وفي هذه الحالة يكون الاستمساك بالفهم القديم والنظر إلى الوراء هو عين الجهل بهدف القرآن من جعل بعض آياته متشابهة وقابلة لأكثر من تفسير (٣).


(١) " Hali, Hayat- ١ - Javed" P.١٢٣ - ١٢٥.
(٢) المصدر نفسه P.١٥٠، و"جوانب من التراث الهندي"، د. خليل ص ٤١.
(٣) Dar, Pages ١٦٠.١٧٢، و"جوانب من التراث الهندي"، د. خليل ص ٤١.