للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أصلًا من أصول التشريع؛ فإنهم يكونون بذلك قد نهجوا منهج رجل من أعظم رجال التشريع بين أهل السُّنَّة".

والإجماع عند إقبال الذي هو الأصل الثالث من أصول التشريع الإسلامي قد يكون من أهم الأفكار التشريعية في الإسلام، وهو يرى ضرورة انتقال حق الاجتهاد من الأفراد إلى هيئة تشريعية إسلامية؛ لأن ذلك هو الشكل الوحيد الذي يمكن أن يتخذه الإجماع في الأزمنة الحديثة؛ لأن هذا الانتقال يكفل للمناقشات التشريعية الإفادة من آراء قوم من غير رجال الدين ممن يكون لهم بصر نافذ في شؤون الحياة. وهو يتوقع لمثل هذه الهيئة التشريعية أن تخطئ خطأ فاحشًا في تفسير الشريعة؛ لأنها قد تتألف من رجال ليست لهم دراية بوقائع التشريع الإسلامي، ولكنه يستبعد أن يكون الحل تأليف لجنة دينية مستقلة، تكون لها سلطة الرقابة ويرى أن العلاج الوحيد الناجع للتقليل من وقوع الأخطاء في التأويل، هو إصلاح نظام التعليم القانوني وتوسيع مداه.

ثم يتساءل عن إجماع الصحابة وهل إذا انعقد إجماعهم على أمر ما يكون ملزمًا للأجيال التي بعدهم؟ ويخلص إلى أن القول الجريء في ذلك هو أن الأجيال اللاحقة ليست ملزمة بإجماع الصحابة.

والأصل الرابع من أصول الفقه هو القياس ويرى إقبال أن القياس كان في الأصل ستارًا يتوارى خلفه الرأي الشخصي للمجتهد، وأن النقد الدقيق الذي وجه لمبدأ القياس كان يهدف إلى كبح الميل إلى إيثار النظر المجرد والفكرة التي تدور في العقل على الأمر الواقع، على أن المنتقدين أنفسهم وقعوا في خطأ آخر، وهو أنهم رغم إدراكهم ما للواقع من شأن، إلا أنهم في الوقت نفسه جعلوه ثابتًا إلى الأبد وقصروا نظرهم على (السابقات) التي وقعت بالفعل في أيام النبي وصحابته، ثم يدعو إلى إحسان فهم وتطبيق مبدأ القياس وهو أنه حق طليق في حدود النصوص الملزمة.

وعلى هذه الأسس يدعو إقبال العالم الإسلامي أن يقدم بشجاعة على إتمام التجديد الذي ينتظره، الذي من أهم نواحيه الملاءمة مع أوضاع الحياة العصرية وأحوالها. إلا أن إقبال يضيف بعض التحفظات هي من خير ما كتب في هذا الفصل حين يقول:

"إننا نرحب من أعماق قلوبنا بتحرير الفكر في الإسلام الحديث، ولكن