للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حين نزول القرآن، ومن الممكن إعطاؤها تفسيرات "عقلية"، "هكذا يقول: فلديه تفسيرات جاهزة لكل شيء، ولكن لا فائدة في ذلك لأن القرآن وجد هذه الأساطير في البيئة التي نزل فيها، فحكاها كما هي دون أن يؤكد صحتها أو يدحضها فاستخدمها لأنها كانت ضاربة بجذورها فى عقول الناس، ليبث من خلالها بعض مفاهيمه العقدية والأخلاقية" (١).

وإذا كانت هذه أمثلة لواحدة من وسائله لرفض المعجزات باعتبارها أساطير فقط، إلا أنه في أحيان أخرى يعطيها تأويلات تبعدها أن تكون خارقة للعادة. من ذلك مثلًا قصة إبراهيم مع الطيور الأربعة، ففي نظره أن إبراهيم لم يقتل الطيور ولم يقطعها أجزاء ثم أحياها الله بعد ذلك، بل كل ما في الأمر أنه علَّم الطيور ودرَّبها على طاعته وإجابة أوامره، وهذا عنده هو معنى {فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ} [البقرة: ٢٦٠]، ثم إن إبراهيم وضع كل طائر على جبل، ثم حين دعاها أجابته. والمغزى من ذلك أنه إذا كانت الطيور بمثل هذا التعليم والتدريب تطيع الإنسان ولا تعصي أمره، فكذلك الله -عز وجل- الذي يطيعه كل شيء، فهو قادر على أن يحيي الموتى بأمرهم بكلمة منه "كن" (٢).

ويقول عن الحوت الذي التقم يونس -عليه السلام- أن القرآن يذكره بأداة التعريف (الحوت) لأن أسطورته كانت معروفة فهو بذلك حوت معروف معهود. وفي هذه المرة لا يكتفي بالقول أنه أسطورة بل يعطيه تفسيرًا من تفسيراته (العقلانية) من بنات أفكاره، فيقول: مما لا شك فيه أن التقام الحوت هنا ما هو إلا رمز للغم والكرب الذي وقع فيه يونس (٣).

ويفسر حجارة السجيل في سورة الفيل مثل تفسير محمد عبده، الذي صرح في مقدمة الكتاب أنه تأثر به كثيرًا واقتبس منه في عدة مواطن (٤)، فسبب هلاك أصحاب الفيل كان وباء الجدري أو الحصبة، والطير الأبابيل في تفسيره هي ناقلات ذلك الوباء (٥).


(١) Asad, "the Message of the Quran" P.٩٩.
(٢) المصدر نفسه P.٥٩.
(٣) المصدر نفسه P.٦٩١.
(٤) المصدر نفسه P.V.
(٥) المصدر نفسه P.٩٧٦.