للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيقول: إنه يجب ألا نبالغ في أمر انتشارها وأهميتها، فهي حركة ضعيفة ولا تقارب قوة الإسلام (المحافظ) وتأثيره، وأن الجماعات (المحافظة) وبخاصة في مصر تراقب "التجديد العصراني" بحذر ومتحفزة للإطباق عليه متى حانت الفرصة (١)، وأنها بشكل أساسي تنحصر في عوام المثقفين ثقافة غربية Educated Laymen، وأنها لا تشكل تيارًا منتظمًا من النظريات ذات الأسس السليمة المقبولة، ولكنها بصفة عامة تأثيرات فردية وردود فعل شخصية Subjective impulses (٢) .

ويستمر جب في تحليلاته فيقول، بما أن المبدأ الأساسي للعصرانية ينحصر في المطالبة بالحرية الواسعة للبحث في المصادر الإسلامية، واستخدام الفكر الحديث في تفسيرها، دون اهتمام بآراء الفقهاء والعلماء الأوائل (٣)، إلا أنه لا يجد إلا في الهند وفي تركيا إلى حد ما مجددين شرعوا في إعادة النظر في أسس الشريعة كلية (٤)، وبينما كان رجال الدين أنفسهم في الغرب هم الذين أعادوا تشكيل الفكر الديني وفقًا للآراء الفلسفية والتاريخية السائدة، فلا يمكنه أن يجد بين علماء الدين الإسلامي من يقوم بهذا النشاط، باستثناء الجهود المحدودة جدًا التي قام بها الشيخ محمد عبده (٥). ورغم أن الدراسة النقدية للمؤلفات التي وضعت في القرون الوسطى عن السُّنَّة والفقه قد أصبحت سلاحًا للعصرانيين لا يستغنى عنه، إلا أن القرآن لم يتعرض لأي نوع من أنواع النقد التاريخي سوى من فئة قليلة (٦).

ولكن إذا كان الباب لم ينفتح لنقد القرآن، إلا أنه قد انفتح لإعادة تفسيره في ضوء المعرفة الحديثة، مما أدى إلى اطراح طرق التفسير القديمة. يقول جب: "مدعيًا أن الحاجة كانت ماسة لخطوة من هذا النوع":

"إن الأجيال المسلمة الحاضرة بحاجة أن يبرهن لها أن لا شيء في القرآن


(١) المصدر نفسه ص ٨٢ (P.٥٤).
(٢) المصدر نفسه ص ٧٦ - ٧٧ (pp. ٤٨, ٤٩ .).
(٣) المصدر نفسه ص ٨٧ (P.٥٨).
(٤) المصدر نفسه ص ٨١ (P.٥٣).
(٥) المصدر نفسه ص ٧٥ (P.٥٧).
(٦) المصدر نفسه ص ٧٨ (P.٥٠).