للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[مكافأة البطولة]

جاءتني رسالة من أخي شاعر الشام أنور العطار وهو مريض في داره، لم يمنعه مرضه من التنبيه إلى مكرمة والتذكير بواجب. يقول إنه شاهد في الأسبوع الماضي فلم «النافذة» فكان أعلق مشاهده بالذاكرة وأمسها بالنفس مشهد الطفل وقد انهار البناء به ولبث معلقاً على سارية متكئة على جدار تهتز في الفضاء، فما كان من رجال الإنقاذ إلا أن أخذوا بأطراف بساط وكلموا الطفل بالمكبر يستدرجونه ليلقي بنفسه عليه حتى نجا، والنظارة مشدوهون من هول المنظر ممسكون قلوبهم بأيديهم.

ويقول إن هذا المنظر -على هوله- لا يعد شيئاً إذا قيس بمشهد الطفل الذي روت «الأيام» أنه كان في جماعة العمال لما انهار بناء مسعود فبقي معلقاً من يده، وكان من المستحيل إنقاذه بالسلالم لأن أدنى حركة تهوي به وبالركن الذي يعتمد عليه، وكان مشهد الطفل يفتت الأكباد وكان صراخه يقطع القلوب، فما كان من رجال الإطفاء إلا أن تبايعوا على الموت، وانتدب نفسَه بطلٌ منهم فعرضها للهلاك ليخلص الطفل من الهلاك، وتدلى بحبل من شاهق حتى أنقذ الغلام.

حقيقة أربت -في روعتها- على زخرف الفلم وواقع أزري بالخيال، وبطولة إنسانية يهون معها كثير من البطولات التي دانت التاريخ.

<<  <   >  >>