للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[لا تيأسوا]

من كان يظن سنة ١٩٢٧ ونحن في أعقاب الثورة السورية والفرنسيون هم الحاكمون، والمستشار هو الوزير، والمفوض هو السيد المطلق ... هو الحكومة وهو البرلمان وهو الحاكم بأمره، إن قال فقوله القانون، ورأى فرأيه الأمر، وإن نهى فنهيه التحريم، وفي كل قرية ظل من الانتداب وفي كل واد أثر من «ثعلبة»! من كان يظن أنها لن تمر عشرون سنة حتى تستقل الشام فلا يبقى فيها جندي فرنسي واحد، وحتى تصير دارُ «الإيتاماجور» المعهدَ العربي الإسلامي، وقلعةُ غورو قلعةَ يوسف العظمة، وقصرُ المفوضية في العفيف خالياً خاوياً لا يقف عليه أحد، وقد كان مطمح الآمال؛ آمال المتزلفين والطامعين، ومهوى القلوب؛ قلوب المستوظفين والمستوزرين، وكانت الرغبة فيه، وكانت الهيبة له والرهبة منه، فغاب عنه ربه، وشرد عنه صحبه، ولم يبق منهم إلا ذكريات كادت تنطمس من النفوس، وأحاديث أوشكت أن تموت على الشفاه!

من كان يظن -قبل عشرين سنة- أنها ستكون للعرب جامعة دول، وأنه سيكون للعرب صوت في هيئة الأمم، وأنه سيكون رجل من سوريا رئيس مجلس الأمن، فيشهد له العالم بأنه خير رئيس؟ وأن تركيا سترجع إلى الإسلام؟ وأن الخمسة الذين كانوا مع الصديق الشهيد حسن البنا -رحمة الله عليه- سيصيرون مليوناً؟ ولا يزدادون على الأذى والعدوان إلا قوة

<<  <   >  >>