للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[جريدة «الأيام»]

لقد جددت لي «اليوم» شبابي، وأعادت لي مواضي أيامي، ورجعتني مسيرة عشرين سنة في طريق الزمان، حتى كأني أرى مولد جريدتَي «الأيام» و «الإنشاء» وأشهد ذلك العهد -سقى الله لياليه- عهد الشباب، عهد النضال، العهد الذي كان -على رغم الانتداب- عهد وثبة وطنية عزيزة المثيل.

وكأن التاريخ يعود واقعاً والماضي يصير حاضراً، فقد كان مولد جريدة «الأيام» حدثاً في تاريخ الصحافة في بلاد الشام، وكان لها هزة في قلوب الحاكمين والمحكومين على السواء؛ هزة فرح في قلوب، وجزع في قلوب، وكان الناس يرقبون صدورها ويزدحمون على بابها كل يوم ازدحامهم على الأفران أيام الحرب، وبيعت أعداد منها بأضعاف أضعاف ثمنها، ورأت من العز ما لا أظن جريدة رأت مثله.

وما ذلك لمجرد أنها جريدة الكتلة الوطنية (والكتلة يومئذ قائدة الجهاد وزعيمة الوطن) ولا لأنها حشدت لها قواها ومالها، ولا لأنها أول جريدة صدرت بالصفحات الكثيرة والمظهر الفخم، بل لأن الناس رأوا فيها شيئاً جديداً لم يروه من قبلها؛ رأوا فيها رجولة الرجل الذي كان يقوم عليها. الرجل حقاً القوي الأمين ذي العزم المتين والقلم المبين عارف النكدي. كانت الصحف تهجم على الحكومات المحلية فهجم هو على الدولة

<<  <   >  >>