للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأذكر -على سبيل المثال- الحديث الذي أذيع صباح الجمعة (أمس)، وهو ليس إلا سرداً لقصة تاريخية مشهورة، ومع ذلك لم يعرف المحدّث كيف يقرؤها؛ فقرأ: "جدٌّ لما جئنا له" وأعادها مرتين وهو يجعل «جد» اسماً مرفوعاً ولا يدري أنه لا يبقى لها بذلك معنى وإنما هي «جُدَّ»؛ فعل أمر من الجد، وقرأ «الفضل بن عياض» وأطفال المدارس يعلمون أنه «الفضيل»، وقال: «بر» بضم الباء وهي بالكسرة (١)، وقال عليٌّ بن أبي طالب (بالتنوين) مع أن القاعدة (التي تُقرأ في الصف الأول الثانوي) أن كل عَلَمٍ وُصف بابن لا يُنوَّن.

وهذا مثال صغير من اللحن في الأحاديث، أما اللحن في الأخبار فلا يمكن إحصاؤه. والأخبار لا يُراعى في سردها مصلحة قومية، ولا وعي وطني، بل ربما جاء فيها ما هو مناف للمصلحة القومية؛ كخبر إعطاء جائزة للدكتور بانش ومدحه والثناء عليه مع أن موقفه في فلسطين معروف، (والجائزة لم تعطَ له إلا بفعل اليهود كيداً للعرب وإيذاء لهم).

والجلسات التي تعقد للطلاب أقل ما يقال فيها إنها لا ترضي العلم ولا اللغة، ولا يمكن أن ترضيهما ما دام يقوم عليها مذيع عادي، ولم يوسد أمرها إلى أستاذ كبير مشهود له بالعلم والبيان.

إن الإذاعة هي ترجمان الأمة، ولسان الوطن. وإنه ينبغي أن يكون عليها أديب ضليع، قوي المشاركة في العلم، موثوق من إيمانه ومتانة أخلاقه وإخلاصه للوطن.

...


(١) البِر (بكسر الباء) الخير، والبُر (بضمها) حبّ القمح.

<<  <   >  >>