للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[كونوا مثل عمر]

روى الإمام ابن عبد الحكم -في سيرة عمر بن عبد العزيز- أن عمر رضي الله عنه كان يأمر أصحاب البريد أن يحملوا إليه كل كتاب يُدفع إليهم، فخرج البريد (الرسمي) من مصر يوماً، فدفعت جاريةٌ اسمها «فرتونة السوداء» مولاة رجل يسمى «ذا أصبح» كتاباً تذكر فيه أن جدار منزلها قصير وأنه يقتحم عليها منه فيسرق دجاجها.

فكتب إليها عمر: "بسم الله الرحمن الرحيم، من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى فرتونة السوداء مولاة ذي أصبح. بلغني كتابك وما ذكرت من قصر حائطك وأنه يدخل عليك فيه فيسرق دجاجك، وقد كتبت إلى أيوب بن شُرحبيل (١) آمره أن يبني لك ذلك حتى يحصنه مما تخافين إن شاء الله. والسلام".

فيا أيها القراء، سألتكم بالله: هل تتصورون أن يكون في الدنيا شخص أهون على الناس وأدنى منزلة فيهم وأقل شأناً من هذه الجارية السوداء؟ وهل تتصورون أن يكون في الدنيا رجل أسمى مكانة، وأكثر شغلاً، وأعز


(١) هو أيوب بن شُرَحْبيل الأصبحي، أميرٌ من الصلحاء، ولي مصر لعمر بن عبد العزيز أول سنة ٩٨ وحسنت أحوالها في أيامه، واستمر بها سنتين ونصف سنة إلى أن توفي سنة ١٠١ (عن الأعلام للزركلي، ج ٢ ص ٣٨).

<<  <   >  >>