للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[العربية في خطر]

كان مما يعاب به الواحد منا -ونحن طلاب في الثانوية- أن يتكلم في الملأ فيلحن أو يقف أو يتلعثم، وكان يقوم ثم يُقترح عليه الموضوع لم يستعد له ولم يحتشد، ولا علم له به. أما اللحن في المقروء فلم يكن يتصور أن يقع من طالب علم؛ لأن الذي لا يعرف القراءة الصحيحة لا يكون إلا عامياً سوقياً. هذا ما كنا عليه في الأيام التي مضت. أما الآن، وقد كثرت المدارس، وانتشر العلم، وفتحت كليات الجامعة ... أما الآن فقد صار اللحن في الخطب وفي المحاضرات وفي أحاديث الإذاعة هو الأصل وهو القاعدة، صار الغريب النادر أن يتكلم خطيبٌ بلا لحن.

ولقد سمعت من ليال حديثاً في الإذاعة في التعليم (ماذا نعلّم أو لادنا، أو ما يشبه هذا) فسمعت أفكاراً عاميةً مما يتحدث به الناس في القهوة والترام في أسلوب متفكك متخلع، ورأيت المتحدث لا يستطيع أن يحرك حرفاً فهو ينطق بالكلمات سواكن الأواخر، ثم إنه يلحن في بناء الكلمة وفي إعرابها، ولا يدري من اللغة شيئاً ولا من النحو ولا من الصرف، فأغلقت الرادّ (الراديو)، حتى إذا ظننت أنه انتهى فتحته فسمعت من المذيع أن المتحدث هو أستاذ في كلية الآداب، وفاتني الاسم فلم أسمعه. أستاذ في كلية الآداب لا يستطيع أن يقرأ كلاماً كتبه هو واستعد له وضبطه، وهو يقرؤه منفرداً لا تراه عين ناقد، ولا يروع فؤاده سواد جمهور، ونحن الطلاب

<<  <   >  >>