للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

العباد، فهاهنا ميزان من الحكمة قل من يحسنه من الناس؛ ولذلك قال ابن القيم رحمه الله في عبارة جامعة: (ويندرج الخوف والرجاء في الحب) (١).

فاجعل التبشير بالخير في الدنيا والآخرة جوهر خطابك للناس، واجعل النذارة له مصدقة؛ حتى لا تتواكل الأنفس، وتتراخى عن أداء حق الله. واقصد إلى تعريف الخلق بالله فإنهم إن عرفوه حقّاً أحبوه؛ فتعلقوا بعبادته آنئذ خوفاً وطمعاً. ففي الصحيحين: «أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث معاذاً وأبا موسى إلى اليمن؛ قال: يسرا ولا تعسرا، وبشرا ولا تنفرا، وتطاوعا ولا تختلفا» (٢)، وفي صحيح مسلم: أن أبا موسى الأشعري رضي الله عنه قال: بَعَثَنِي رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم وَمُعَاذاً إِلَى الْيَمَنِ. فَقَالَ «ادْعُوَا النّاسَ، وَبَشّرَا وَلاَ تُنَفّرَا، وَيَسّرَا وَلاَ تُعَسّرَا» (٣).

ومن ألطف النصوص في هذا المعنى ما صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن الله لما قضى الخلق كتب عنده فوق عرشه: إن رحمتي سبقت غضبي» (٤). فهذا رب العالمين يعلمنا أن نجعل خطاب الرحمة سابقاً في دعوتنا، ونجعل لذلك النذارة خادمة للبشارة؛


(١) عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين لابن القيم: (١/ ١٢٤). نشر دار الكتب العلمية بيروت، تحقيق: زكريا علي يوسف.
(٢) متفق عليه.
(٣) رواه مسلم.
(٤) رواه البخاري.

<<  <   >  >>