للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فاقرأ كما استطعت وتعلم؛ كي تتزكى، فقد رأيت أن التلاوة بدء فعله صلى الله عليه وسلم من التزكية والتعليم، كما مر في قوله تعالى: {يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} [آل عمران:١٦٤]، فالتلاوة نور في نفسها. إنها -لو أبصرتها حقّاً- صلة مباشرة برب العالمين؛ ذكراً ومناجاة، إن العبد التالي لكتاب الله متكلم بكلام الله، وهذا وحده معنى عظيم في نفسه، فتدبر! وهو يمهد القلب ويهيئه للخطوات التربوية التالية.

٢ - وأما التعلم والتعليم: فهو لأحكامه كما ذكرنا، وهو يكون بتحصيل العلم للنفس وتلقينه للغير؛ وذلك لقول الله تعالى: {وَلَكِن كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ} [آل عمران:٧٩]. فقد قُرِئَتْ (تَعْلَمُونَ) و (تُعَلِّمُونَ) فهي عملية مزدوجة، الجمع بين شقيها أولى: التعلم والتعليم، وأقل ذلك يا صاح أن تكون أحَدَهما: معلماً أو متعلماً. بيد أن العلم هاهنا إنما هو ما أفاد العمل. على قاعدة علماء مقاصد الشريعة: أن (كل علم ليس تحته عمل فهو باطل)، وعلى هذا يحمل قوله صلى الله عليه وسلم: «إن الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما والاه، وعالماً أو متعلماً» (١)، وقوله عليه الصلاة والسلام: «إن الله لم يبعثني


(١) رواه الترمذي وابن ماجه بسند حسن كما في صحيح الجامع الصغير: (١٦٠٩).

<<  <   >  >>