للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والدعوة لا تحدها الحدود ولا تردها القيود؛ هذا نبي من أعظم الدعاة إلى الله عز وجل يدعو وهو في السجن، الأبواب فيه موصدة، والجدران سميكة، والحراس أعينهم لا تنام، ومع هذا فهو يستفيد من كل الوسائل ويدعو من حوله: {يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ}.

ونبي آخر هو نوح عليه السلام لم يمنعه طول المدة وعدم الاستجابة من السير قدما في الدعوة مئات السنين: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ} فأين هو عليه السلام من صاحب النفس القصير الذي يدعو مرة وثانية ثم يتوقف؟

وأين من يكسل حينا ويفتر حينا آخر من نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - وهو في النزع الأخير وقد اشتد عليه الخطب ودنا الفراق يحذر أمته ويقول: "لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" [متفق عليه].

وأين الداعية الذي إذا أصابته نازلة توقف؛ من عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي يدعو إلى الله وهو ينزف دما ويقول: "ردوا علي الغلام" ثم قال له: "يا ابن أخي، ارفع ثوبك فإنه أنقى لثوبك، وأتقى لربك"؟

أين الداعية الذي يبخل ويشح بقليل الدراهم، وها هو أبو بكر رضي الله عنه يخرج من ماله كله؟ أين الذي يبخل ولا يخرج إلى الرديء وأبو طلحة رضي الله عنه لما سمع قول الله عز وجل:

<<  <   >  >>