للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفصل السادس: باروخ سبينوزا " ١٦٣٢ - ١٦٧٧ "

٤٦ - حياته ومصنفاته:

أ- ولد بأمستردام من أسرة يهودية, وأراد والده على أن يصير حاخامًا، فتلقى اللغة العبرية والتوراة والتلمود والفلسفة اليهودية للعصر الوسيط وصناعة صقل زجاج النظارات لما كان مقررا من أن يتعلم الحاخام صناعة يدوية. ولكن داخله الشك في الدين، فعدل عن مشروعه، وتحول إلى العلوم الإنسانية، وأخذ يتردد على الأوساط البروتستانتية، فلقي فيها طبيبا تيوصوفيا من القائلين بوحدة الوجود لقنه الطبيعة والهندسة والفلسفة الديكارتية؛ ثم قرأ جيوردانو برونو وغيره من فلاسفة العصر بين محدثين ومدرسيين. فازداد ابتعادًا عن اليهودية؛ ورأى زعماؤها أن يستبقوه في حظيرتها وعرضوا عليه مرتبًا، فرفضه. واعتدى عليه رجل متعصب وجرحه بخنجر، فلم ينثن، فأعلن الزعماء فصله من الجماعة " ١٦٥٦ " وحصلوا من السلطة المدنية على أمر بإقصائه عن المدينة إذ كان البروتستانت أيضًا يعدونه رجلًا خطرًا. فأقام عند صديق في إحدى الضواحي، ومكث هناكخمس سنين يكسب رزقه بصقل زجاج النظارات، فكان أصدقاؤه يأتون من المدينة فيحملون الزجاج ويبيعونه فيها. وفي تلك الفترة شرع يكتب, ثم أخذ يتنقل في هولندا، وكان أينما يحل يلقى أصدقاء معجبين به معتنقين مذهبه. ومن المعجبين به القائد الفرنسي كوندي conde عرض عليه أن يقيم بفرنسا ويتناول معاشًا فرفض؛ وأمير ألماني عرض عليه في نفس السنة منصبًا بجامعة هيدلبرج، فرفض كذلك مخافة ألا تتوفر له الحرية في التعليم, وكان مصدورًا بالوراثة، فكان مرضه من جهة، وكانت الفلسفة من جهة أخرى، يحملانه على المعيشة البسيطة الهادئة الوادعة، فلقب بالقديس المدني. وكانت وفاته بمدينة لاهاي.

ب- اتخذ اللاتينية لسانًا يحرر به, وكان أول ما كتب " ١٦٦٠ "

<<  <   >  >>