للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إن حمر النعم التى كان يسيل عليها لعاب العربى من قبل، لم تعد تشغل فكره بعد إخلاصه للواجب لذاته، فلم يغره الريف النضر أن يرتع فيه، ويحط رحاله بين سهوله ووديانه الممرعة فى الشام والعراق ومصر.

وبهذه الروح القوية، وبالأمل الباسم فى إحدى الحسنيين، الشهادة أو النصر، وبالنفسية الطاهرة العفيفة، والارتفاع فوق مستوى الماديات المغرية زحفت الدعوة حتى اتسعت رقعة الإسلام، وتكونت دولة لا تغيب عنها الشمس، حتى أذنت للخليفة العباسى أن يتحدى الغمامة أينما سارت وأمطرت فسيأتيه خراجها.

لقد تلقف الناس الإسلام. لما أنسوا فيه من المبادئ الإنسانية العالية، ولما رأوا فيه من الغذاء الروحى، الذى اطمأنت به عقولهم وسكنت نفوسهم. رأينا الفرس مثلا وقد كان بينهم وبين العرب ما هو معروف من العصبية المتطرفة، يشغلون بعد موقعة القادسية بالدخول فى الإسلام ونشره بين ربوع البلاد، والإقبال على تعلم لغته والتبحر فى علومه، حتى كانت بعد سنوات معدودة تضم أقطاب الإسلام فى الميادين المختلفة.

<<  <   >  >>