للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

استيائهم من السفسطة المذهبية التى جلبتها الروح الإغريقية إلى اللاهوت المسيحى، يقول: "كيتانى": فلما أهلت آخر الأمر أنباء الوحى الجديد فجأة من الصحراء لم تعد تلك المسيحية الشرقية التى اختلطت بالغش والزيف، وتمزقت بفعل الانقسامات الداخلية، وتزعزعت قواعدها الأساسية، واستولى على رجالها اليأس والقنوط من مثل هذه الريب، لم تعد المسيحية بعد تلك الحالة قادرة على مقاومة إغراء هذا الدين الجديد الذى بدد بضربة من ضرباته كل الشكوك التافهة، وقدم مزايا مادية جليلة، إلى جانب مبادئه الواضحة البسيطة، التى لا تقبل الجدل. وحينئذ ترك الشرق المسيح وارتمى فى أحضان نبى بلاد العرب (١).

ولم يكن هناك أى قهر فى اهتدائهم إلى الإسلام أو أى اضطهاد لهم. ولو اختار الخلفاء تنفيذ إحدى الخطتين لاكتسحوا المسيحية، بتلك السهولة التى أقصى بها "فرديناند وإيزابيلا" دين الإسلام من أسبانيا، أو التى جعل بها "لويس الرابع عشر" المذهب البروستانتى مذهبا يعاقب عليه متبعوه فى فرنسا، أو بتلك السهولة التى ظل بها اليهود مبعدين عن انجلترا مدة ثلثمائة وخمسين سنة، كما يقول أرنولد


(١) تاريخ الدعوة لأرنولد ص ٧٣

<<  <   >  >>