للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[مدخل]

أبدأ هذا الكتاب بحمد الله وشكره امتثالاً لقوله تعالى: {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ} [إبراهيم: ٧].

أحمده أن من علينا بأعظم النعم وأجلها وأشرفها وأسماها ألا وهي نعمة الإسلام، فكم من أمم تتخبط في ظلام الشرك والكفر، وكم من حسيب ووجيه وغني ورئيس لم تدركه رحمة الله.

من استقرأ التاريخ قديمًا وحديثًا عرف نعمة الله عليه. نطل إطلالة سريعة ... ها هو فرعون من أكبر ملوك الدنيا يحكم ويدير مملكة مترامية الأطراف، وحوله الخدم والحشم والقواد والجيوش، لم تغن عنه شيئًا لما تكبر وتجبر فأغرقه الله في اليم كافرًا.

وها هو قارون رفيق دربه إلى النار وبئس الورد المورود، من أكبر تجار الدنيا ومن أغنى أغنيائها، لما ذكر الله غناه، ذكر أن مفاتيح خزائنه: {لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ} [القصص: ٧٦]، ولكنه لما طغى واستعلى ما أغنت عنه هذه الأموال والخزائن {فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ} [القصص: ٨١].

بل أصحب السيادة والريادة كأبي جهل وأبي لهب ما أغنت عنهم تلك المكانة، ولا نفعتهم تلك المنزلة، قال تعالى: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} [المسد: ١].

وها هم أصحاب الشرف الرفيع والنسب العالي إذا لم تدركهم رحمة الله كانوا من أولئك قال عز وجل: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي

<<  <   >  >>