للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والثاني: أن العراق بأطيافه المتعددة يقع وسط دول متعددة، فيه طيف يتجانس مع كل واحدة منها (إيران، وتركيا، وسوريا، والأردن، والسعودية).

وتتشكل بمجموعها من: مسلمين، ومسيحيين، وآشوررين وكلدان، وعلمانيين، ولبراليين، وشيوعيين، وقوميين. والمسلمون: فيهم عرب سنة، عرب شيعة. وأكراد سنة، وأكراد شيعة.

فهو مهيأ حسب الدراسات الصهيونية (سنية، شيعية، أكراد، تركمان)

وبالتأكيد كان سيناريو السقوط السريع للدولة، هو تحذير لكل شعوب المنطقة (الخليج) حكاماً ومحكومين، فأمريكا أرادت أن تصفع العالم الإسلامي بصدام! ففي تصريح أخير لكولن باول وزير الخارجية الأمريكي في أعقاب احتلال بغداد قال بالحرف الواحد: "نأمل أنه نتيجة لما حدث في العراق وللبغض الذي يكنه العالم للأنشطة الإرهابية وتطوير أسلحة الدمار الشامل أن بعض الدول التي كنا على اتصال بها ونتحدث إليها

كسوريا وإيران سوف تتحرك في اتجاه جديد" (١).

فالأعم الأغلب من الحكام تلقفوا هاتيك الرسالة، فبعضهم نادى بالإصلاح _الأمريكي طبعاً- وبعضهم رفع صوره وتماثيله من طرقات بلده لما رأى صور صدام تصفع بالنعال! وهكذا.

والأفجع من ذلك أن بعض الحكام قدم أضاحي من شعبه (الإرهابيين) - كما سماهم- بين يدي إلهه بوش لعله يرضى .. وقام آخر بالتبرؤ من كل وثن أسمه (أسلحة نووية)،متقرباً إلى سيدته المبجلة الولايات الأمريكية، بعد كل تلك الشعارات والخطب؟!

ولا ضير أن تملك عصاً أو طائرة مكافحة الأرضة، المهم بعلم السيدة، ولا ضير أن كان في ذخيرتك رصاص، أو طائرات مقاتلة، ولكن شرط أن تستعملها لضرب الإرهابيين من أبناء شعبك!

وهكذا ظهر للكثيرين أن مسألة القرار الأميركي تجاه العراق ليس قراراً ظرفياً، وليس قرار ردة فعل على ممارسة عراقية معينة، بل إن مسألة التعاطي بالقرار هي جزء من نظرة استراتيجية للإدارة الأميركية وفق أسلوب تعاطيها وتواجدها؛ لا بل وضع يدها على واقع المنطقة ككل.


(١) أنظر: ملامح التغيير المرتقب للمنطقة العربية، حسن الرشيدي، الذي نشر في مجلة البيان، العدد ١٨٩،سنة ٢٠٠٣م.

<<  <   >  >>