للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد شدد الإسلام في ضرورة التعفف عن استغلال النفوذ، وشدد في رفض المكاسب المشوبة عن عدي بن عميرة قال سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((من استعملناه منكم على عمل فكتمنا مخيطًا فما فو ق - يعني إبرة - فكتمنا مخيطًا فما فوق كان غلول ً ايأتي به يوم القيامة)) فقام إليه رجل أسود من الأنصار كأني أنظر إليه ف قال: يا رسول الله اقبل عني عملك، قال: ((وما لك؟)) قال: سمعتك تقول كذا وكذا، قال - عليه الصلاة والسلام -: ((وأنا أقوله الآن؛ من استعملناه منكم على عمل فليجئ بقليله وكثيره، فما أوتي منه أخذ وما نهى عنه انتهى)).

وحدث أن استعمل النبي -صلى الله عليه وسلم- رجل ً امن الأزد يقال له: ابن اللتبية على الصدقة، فلما قدم بها قال ابن اللتبية: هذا لكم وهذا أهدي إلي، قال راوي الحديث: فقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: ((أما بعد؛ فإني أستعمل الرجل منكم على العمل مما ولاني الله فيأتيني فيقول: هذا لكم وهذا هدية أهديت إلي، أفلا جلس في بيت أبيه وأمه حتى تأتيه هديته إن كان صادقًا، والله لا يأخذ أحد منكم شيئًا بغير حقه إلا لقي الله يحمله يوم القيامة فل أعرفن أحدًا منكم لقي الله يحمل بعيرًا له رغاء أو بقرة لها خوار أو شاة تيعر) ثم رفع يديه حتى رؤي بياض إبطيه يقول: ((اللهم هل بلغت)) الحديث رواه مسلم في (صحيحه).

ومن معاني الأمانة؛ أن تنظر إلى حواسك التي أنعم الله بها عليك، وإلى المواهب التي خصك بها، وإلى ما حببت، وإلى ما أعطيت من أموال وأولاد؛ فتدرك أنها ودائع الله الغالية عندك، فيجب أن تسخرها في قرباته، وأن تستخدمها في مرضاته؛ فإن امتحنت بنقص شيء منها فلا يستخفنك الجزع متوهمًا أن ملكك المحض قد سلب منك؛ ف الله أولى بك وأولى بما فاء عليك، وله أخذ وله ما

<<  <   >  >>