للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَغْدَادِيُّ الْوَرَّاقُ ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنُ زِيَادٍ النَّيْسَابُورِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ يُونُسَ بْنَ عَبْدِ الْأَعْلَى، يَقُولُ: قَالَ لِي الشَّافِعِيُّ ذَاتَ يَوْمٍ: " يَا يُونُسُ إِذَا بُلِّغْتَ عَنْ صَدِيقٍ لَكَ مَا تَكْرَهُهُ فَإِيَّاكَ أَنْ تُبَادِرَ بِالْعَدَاوَةِ وَقَطْعِ الْوَلَايَةِ فَتَكُونَ مِمَّنْ أَزَالَ يَقِينَهُ بِشَكٍ، وَلَكِنِ الْقَهُ، وَقُلْ لَهُ ⦗١٢٢⦘: بَلَغَنِي عَنْكَ كَذَا وَكَذَا وَأَجْدَرُ أَنْ تُسَمِّيَ الْمُبَلِّغَ فَإِنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ فَقُلْ لَهُ: أَنْتَ أَصْدَقُ وَأَبَرُّ، وَلَا تَزِيدَنَّ عَلَى ذَلِكَ شَيْئًا. وَإِنِ اعْتَرَفَ بِذَلِكَ فَرَأَيْتَ لَهُ فِي ذَلِكَ وَجْهًا بِعُذْرٍ فَاقْبَلْ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَرُدَّ ذَلِكَ فَقُلْ لَهُ: مَاذَا أَرَدْتَ بِمَا بَلَغَنِي عَنْكَ؟ فَإِنْ ذَكَرَ مَا لَهُ وَجْهٌ مِنَ الْعُذْرِ فَاقْبَلْهُ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ لِذَلِكَ وَجْهًا لِعُذْرٍ، وَضَاقَ عَلَيْكَ الْمَسْلَكُ فَحِينَئِذٍ أَثْبِتْهَا عَلَيْهِ سَيِّئَةً أَتَاهَا. ثُمَّ أَنْتَ فِي ذَلِكَ بِالْخِيَارِ إِنْ شِئْتَ كَافَأْتَهُ بِمِثْلِهِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَإِنْ شِئْتَ عَفَوْتَ عَنْهُ، وَالْعَفْوُ أَبْلَغُ لِلتَّقْوَى، وَأَبْلَغُ فِي الْكَرْمِ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٍ مِثْلَهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلِحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} [الشورى: ٤٠] فَإِنْ نَازَعَتْكَ نَفْسُكَ بِالْمُكَافَأَةِ فَاذْكُرْ فِيمَا سَبَقَ لَهُ لَدَيْكَ، وَلَا تَبْخَسْ بَاقِي إِحْسَانِهِ السَّالِفَ بِهَذِهِ السَّيِّئَةِ فَإِنَّ ذَلِكَ الظُّلْمُ بِعَيْنِهِ، وَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ الصَّالِحُ يَقُولُ: رَحِمَ اللَّهُ مَنْ كَافَأَنِي عَلَى إِسَاءَتِي مِنْ غَيْرِ أَنْ يَزِيدَ وَلَا يَبْخَسَ حَقًّا لِي. يَا يونُسُ إِذَا كَانَ لَكَ صَدِيقٌ فَشُدَّ يَدَيْكَ بِهِ فَإِنَّ اتِّخَاذَ الصَّدِيقِ صَعْبٌ وَمُفَارَقَتُهُ سَهْلٌ. وَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ الصَّالِحُ يُشَبِّهُ سُهُولَةَ مُفَارَقَةِ الصَّدِيقِ بِصَبِيٍّ يَطْرَحُ فِي الْبِئْرِ حَجَرًا عَظِيمًا فَيسْهُلُ طَرْحُهُ عَلَيْهِ، وَيَصْعُبُ إِخْرَاجُهُ عَلَى الرِّجَالِ البركِ فَهَذِهِ وَصِيَّتِي لَكَ. وَالسَّلَامُ "

<<  <  ج: ص:  >  >>