للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَبُو عُثْمَانَ الْوَرَّاقُ وَأَمَّا أَبُو عُثْمَانَ الْوَرَّاقُ فَلَهُ الْعِبَادَةُ الْمَشْهُورَةُ، كَانَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يَحْمَدُ سِيرَتَهُ، كَانَ لِلْفَقْرِ مُعْتَنِقًا وَلَا يَرَى الْإِمْسَاكَ وَالِادِّخَارَ، يَتْبَعُ آثَارَ مَا دَرَجَ عَلَيْهِ الصَّدْرُ الْأَوَّلُ مِنْ صَفْوَةِ الصَّحَابَةِ وَأَهْلِ الصُّفَّةِ وَيَقُولُ بِالْإِيثَارِ وَالْمُوَاسَاةِ، أَكْثَرُ نُجُومِ الْبَغْدَادِيِّينَ بِهِ تَخَرَّجُوا وَعَنْهُ أَخَذُوا التَّجَرُّدَ وَسِيَاسَةَ النُّفُوسِ وَرِيَاضَتَهَا، كَانَ يَجْمَعُ الْمُتَعَبِّدِينَ فِي مَسْجِدِهِ يُقْرِئُهُمُ الْقُرْآنَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْأَحْكَامَ وَيَحُثُّهُمْ عَلَى الْوَرَعِ وَالتَّقَلُّلِ وَيُؤَاخِي بَيْنَ أَصْحَابِهِ فَيُضِيفُ الضَّعِيفَ إِلَى الْقَوِيِّ وَيُؤَاخِي بَيْنَ الْمُتَكَسِّبِ وَمَنْ لَا حِرْفَةَ لَهُ وَبَيْنَ الْبَصِيرِ وَالضَّرِيرِ، وَبَيْنَ الْقَارِئِ وَبَيْنَ مَنْ لَا يَقْرَأُ لِيُعَلِّمَهُ وَيُلَقِّنَهُ وَلَا يَمْنَعُ الْمُكْتَسِبَ مِنَ الْكَسْبِ، فَإِذَا كَانَ اللَّيْلُ اجْتَمَعَ أَمْرُهُمْ وَاحِدٌ فَأَكَلُوا مَوْضِعًا وَاحِدًا وَهُوَ كَأَحَدِهِمْ إِنْ كَانَ عِنْدَهُ شَيْءٌ أَحْضَرَهُ، كَانَ لَا يُبَيِّتُ شَيْئًا، وَكَانَ إِذَا سَافَرَ وَغَزَا هُوَ وَأَصْحَابُهُ يَنْزِلُونَ الْمَسَاجِدَ لَا يَحْضُرُونَ الدَّعَوَاتِ وَالِاجْتِمَاعَ إِنْ فُتِحَ عَلَيْهِمْ فِي الْمَسْجِدِ قَبِلُوهُ وَبَذَلُوهُ، وَكَانَ يَصُونُ أَصْحَابَهُ عَنِ التَّعَرُّضِ وَالْمَسْأَلَةِ، فَإِنْ جَاءَهُ مِمَّنْ تَسْكُنُ إِلَيْهِ نَفْسُهُ قَبِلَهُ لَهُمْ وَكَانَتْ طَرِيقَتُهُ طَرِيقَةَ السَّلَفِ الْمُرْضِيَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>