للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَالَ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: وَثَانِيَ الْقَوْمِ عُمَرُ الْفَارُوقُ ذُو الْمَقَامِ الثَّابِتِ الْمَأْنُوقِ، أَعْلَنَ اللهُ تَعَالَى بِهِ دَعْوَةَ الصَّادِقِ الْمَصْدُوقِ، وَفَرَّقَ بِهِ بَيْنَ الْفَصْلِ وَالْهَزْلِ، وَأَيَّدَ بِمَا قَوَّاهُ بِهِ مِنْ لَوَامِعِ الطَّوْلِ، وَمَهَّدَ لَهُ مِنْ مَنَائِحِ الْفَضْلِ شَوَاهِدَ التَّوْحِيدِ، وَبَدَّدَ بِهِ مَوَادَّ التَّنْدِيدِ، فَظَهَرَتِ الدَّعْوَةُ، وَرَسَخَتِ الْكَلِمَةُ، فَجَمَعَ اللهُ تَعَالَى بِمَا مَنَحَهُ مِنَ الصَّوْلَةِ مَا نَشَأَتْ لَهُمْ مِنَ الدَّوْلَةِ، فَعَلَتْ بِالتَّوْحِيدِ أَصْوَاتُهُمْ بَعْدَ تَخَافُتٍ، وَتَثَبَّتُوا فِي أَحْوَالِهِمْ بَعْدَ تَهَافُتٍ، غَلَبَ كَيَدَ الْمُشْرِكِينَ بِمَا أَلْزَمَ قَلْبَهُ مِنْ حَقِّ الْيَقِينِ، لَا يَلْتَفِتُ إِلَى كَثْرَتِهِمْ وَتَوَاطِيهِمْ، وَلَا يَكْتَرِثُ لِمُمَانَعَتِهِمْ وَتَعَاطِيهِمْ، اتِّكَالًا عَلَى مَنْ هُوَ مُنْشِئِهُمْ وَكَافِيهِمْ، وَاسْتِنْصَارًا بِمَنْ هُوَ قَاصِمُهُمْ وَشَانِيهِمْ، مُحْتَمِلًا لِمَا احْتَمَلَ الرَّسُولُ، وَمُصْطَبِرًا عَلَى الْمَكَارِهِ لِمَا يُؤْمَلُ مِنَ الْوُصُولِ، وَمُفَارِقًا لِمَنِ اخْتَارَ التَّنْعِيمَ وَالتَّرْفِيهَ، وَمُعَانِقًا لِمَا كُلِّفَ مِنَ التَّشَمُّرِ وَالتَّوْجِيهِ، الْمَخْصُوصُ مِنْ بَيْنِ الصَّحَابَةِ بِالْمُعَارَضَةِ لِلْمُبْطِلِينَ، وَالْمُوافَقَةِ فِي الْأَحْكَامِ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ، السَّكِينَةُ تَنْطِقُ عَلَى لِسَانِهِ، وَالْحَقُّ يُجْرِي الْحِكْمَةَ عَنْ بَيَانِهِ، كَانَ لِلْحَقِّ مَائِلًا، وَبِالْحَقِّ صَائِلًا، وَلِلْأَثْقَالِ حَامِلًا، وَلَمْ يَخْفَ دُونَ اللهِ طَائِلًا. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ التَّصَوُّفَ رُكُوبُ الصَّعْبِ فِي جَلَالِ الْكَرْبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>