للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

به لمن يقول: إن لفظ من كل شيء هذا عام، وكأنه استشعر بعد هذا القول، فقال عقبه: ولعل ذك ر من باب الرمز كما ندعيه في القرآن الكريم.

وإنني لأقول للعلامة ال ألوسي ومن لفّ لفه؛ الكلام لشيخنا الشيخ أبو شهبه: إنه أراد أن يبين أن هذا مردود وغير معقول أن يقال: إن التوراة فيها تفصيل لكل شيء لا هي فيها تفصيل لما يحتاجون إليه في شريعاتهم في الحلال والحرام، والمحاسن والقبائح فقط، أما أن تشمل التوراة كل شيء قد كان وكل ما يكون، هذا كلام لا يُعقل، وهو مردود وغير مقبول، ونحن أيضًا لا نسلم بأن في القرآن رموز وإشارات لأحداث، وإن قاله البعض والحق أحق أن يتبع.

ننتقل بعد ذلك إلى ما ورد في غضب موسى عندما ألقى الألواح؛ فمن الإسرائيليات التي وردت في غضب موسى، والآية صرحت بأن موسى -عليه السلام- لما رجع إلى قومه غضبان أسفًا، ألقى الألواح، وحول هذا المعنى وردت إسرائيليات كثيرة، فقد روى ابن جرير في ت فسيره والبغوي في ت فسيره وغيرهما في سبب غضب سيدنا موسى -عليه السلام- حين ألقى الألواح من يديه، وهذا في قوله - تعالى -: {وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الْأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلَا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ وَلَا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} (الأعراف: ١٥٠).

ألقى الألواح؛ معنى هذه الكلمة أي: طرحها وألقى بها، إنما الإسرائيليات غمرت هذا التفسير عند هذه الآية، فقد رُوي عن قتادة أنه قال: نظر موسى في التوراة فقال: ربي إني أجد في الألواح أمة خير أمة أخرجت للناس يأمرون بالمعروف وينهون عن أمتي اجعلهم أمتي، قال: تلك أمة أحمد.

قال: ربي إني أجد في الألواح أمة هم الآخرون -أي: آخرون في الخلق- سابقون في دخول الجنة رب اجعلهم أمتي، قال: تلك أمة أحمد.

قال: ربي إني أجد في الألواح أمة أناجيلهم في صدورهم يقرءونها، وكان من قبلهم يقرءون كتابهم نظرًا حتى إذا رفعوها لم يحفظوا شيئًا، ولم يعرفوه، وأن الله أعطاهم من الحفظ شيئًا لم يعطه أحد من الأمم، قال: ربي اجعلهم أمتي، قال: تلك أمة أحمد.

قال: ربي إني أجد في الألواح أمة يؤمنون بالكتاب الأول وبالكتاب الآخر، ويقاتلون فصول الضلالة حتى لا يقاتلون الأعور الكذاب فاجعلهم أمتي، قال: تلك أمة أحمد.

<<  <   >  >>