للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ابن جرير: حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، قال: حدثني ابن إسحاق، قال: كان مما أنزل الله على موسى في خبره عن بني إسرائيل وفي إحداثهم ما هم فاعلون بعده، فقال: وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدنّ في الأرض مرتين ولتعلن علوًّا كبيرًا، ولما نقول: مما أنزل الله موسى؛ يعني: أنزل المعنى لا هذا اللفظ؛ لأن التوراة طبعًا لم تكن باللغة العربية، ولا كان لسان موسى -عليه الصلاة والسلام- عربيًّا؛ إنما أنزل عليه بلغته وبالمعنى، فكانت بنو إسرائيل وفيهم الأحداث والذنوب، وكان الله -جل وعلا- في ذلك متجاوزًا عنهم متعطفًا عليهم محسنًا إليهم.

فكان مما أنزل بهم في ذنوبهم ما كان قدَّم إليهم في الخبر على لسان موسى مما أنزل بهم في ذنوبهم، فكان أول ما أنزل بهم من تلك الوقائع أن ملكًا منهم كان يُدعَى صديقه، وكان الله إذا ملك الملك عليهم بعث نبيًّا يسدده ويرشده، ويكون فيما بينه وبين الله، ويحدث إليه في أمرهم، لا يُنزل عليهم الكتب، إنما يؤمرون ب اتباع التوراة والأحكام التي فيها، وينهونهم عن المعصية، ويدعونهم إلى ما تركوا من الطاعة.

فلما ملك ذلك الملك بعث الله معه شعياء بن أمصيا، وذلك قبل مبعث زكريا ويحيى وعيسى، وشعياء الذي بشر بعيسى ومحمد -صلى الله عليه وسلم، فملك ذلك الملك بني إسرائيل وبيت المقدس زمانًا، فلما انقضى ملكه عظمت فيهم الأحداث وشيعاء معه؛ بعث الله عليهم رجل يُسمى " سن ج اريب " ملك بابل ومعه ستمائة ألف راية، فأقبل سائرًا حتى نزل نحو بيت المقدس، والملك مريض في ساقه قرحة، فجاء النبي شعياء فقال له: يا ملك بني إسرائيل إن " سن ج اريب " ملك بابل قد نزل بك هو وجنوده ستمائة ألف راية، وقد هابهم الناس، وفركوا منهم، فكَبُر

<<  <   >  >>