للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تتحدث وتتمنى ولهذا راودته {إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إلا مَا رَحِمَ رَبِّي} أي: إلا من عصمه الله -سبحانه وتعالى- {إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ}.

وهذا القول هو الأشهر والأليق والأنسب بسياق القصة ومعاني الكلام، وقد حكاه الماوردي في تفسيره، وانتدب لنصره الإمام أبو العباس ابن تيمية -رحمه الله- فأفرضه بتصنيف على حدة، هذا كلام العلامة ابن كثير.

وبعد أن ذكر بعض ما ذكره ابن جرير الذي ذكرناه آنفًا عن ابن عباس وتلاميذه وغيره، قال: والقول الأول أقوى وأظهر وهو قول ابن عباس الذي يؤيد ما انتصر له الإمام ابن تيمة؛ لأن سياق الكلام كله من كلام امرأة العزيز بحضرة الملك، ولم يكن يوسف -عليه السلام- عندهم، بل بعد ذلك أحضره الملك.

ننتقل بعد ذلك إلى التفسير الصحيح لهذه الآية التي ذل فيها كثيرون؛ وهى قوله: {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا} (يوسف: ٢٤).

يقول شيخنا الشيخ أبو شهبة والعلماء ذوي البصيرة: والصحيح في تفسير قوله -تعالى-: {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبّه} أنّ الكلام تم عند قوله -تعالى-: {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ} وليس من شك في أن همها كان بقصد الفاحشة {وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبّه} الكلام من قبيل التقديم والتأخير، والتقدير: "ولولا أن رَأَى برْهان ربه لهم بها" وقوله -تعالى-: {وَهَمَّ بِهَا} هذا جواب لولا مقدم عليه، ومعروف في اللغة العربية أنّ "لول" حرف امتناع لوجود؛ أي: امتناع الجواب لوجود الشرط؛ فامتنع الهم لوجود البرهان؛ أي: فيكون الهم ممتنعا لوجود البرهان الذي ركزه الله في فطرته، والمقدم إما الجواب أو دليله؛ على الخلاف في هذا بين النحويين.

<<  <   >  >>